أوام أونلاين – خاص:
تُفرط مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانياً في إرهابها تجاه المجتمع المدني، حيث تستخدم الصواريخ والمقذوفات والألغام والقناصين لاستهداف المدنيين الأبرياء في المدن التي لا تخضع لسيطرتهم المسلحة، وتمارس القمع والاضطهاد والاختطاف وتفجير المنازل وتشريد سكانها.
كما تمارس إجراما من نوعاً آخر، وهو حرمان المواطنين من كافة مستلزمات الحياة الأساسية بداية بقطع رواتب الموظفين واستغلال حاجتهم الماسة للأموال لتجنديهم مقاتلين في صفوفها بالإكراه، ووصلاُ إلى اخفاء المساعدات الغذائية الدولية والمشتقات النفطية عن آلاف الأسر، والمتاجرة بها بالأسواق السوداء التابعة لقياداتها، وبيعها بمبالغ تصل إلى عشرة أضعاف عن قيمتها الرسمية.
ووفقاً لمختصين في القانون الدولي، يرقى بعض هذه الجرائم إلى جرائم حرب وترتكب على مرأى ومسمع المنظمات الحقوقية الدولية العاملة في اليمن وغيرها والتي تتعامل بمعايير مزدوجة في التعاطي مع انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد ويغلب عليها الدافع السياسي والذي يستهدف الأطراف التي يمكن ابتزازها.
الإرهاب الحوثي يقابله الصمت الدولي
تفضح الإحصائيات السنوية للضحايا المدنيين جراء استهداف الحوثيين للأحياء السكانية ازدواجية ومعايير المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئاتها ومنظماتها تجاه كل جرائم الابادة التي ارتكبت بحق المدنيين طيلة الأعوام الستة الماضية، ونورد في التقرير إحصائية لمحافظتي "تعز، مأرب" كونهما أكثر محافظات اليمن التي تعرضت للانتهاكات من قبل الحوثيين.
وفي هذا الإطار كشف تقرير رسمي صادر عن مكتب وزارة حقوق الإنسان في محافظة تعز، إن عدد وقائع الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيات الحوثي ضد المدنيين في مدينة تعز وبعض مديريات المحافظة خلال الفترة من مارس 2015 حتى 15 يونيو 2019 م، بلغت 30 ألفا و494.
وأضاف أنه رصد من بين هذه الانتهاكات خلال الفترة الزمنية المذكورة، مقتل "2720" واصابة أكثر من 13 ألفاً من الرجال والنساء والأطفال، بنيران مسلحي جماعة الحوثي، فيما بلغ إجمالي عدد المختطفين من الرجال والنساء والأطفال 705، مع توثيق تهجير 5 آلاف و595 مواطنا.
وبحسب إحصائية رسمية، أسفرت الصواريخ البالستية وصواريخ الكاتيوشا التي أطلقتها مليشيا الحوثي على مدينة مأرب المحتضنة لأكثر من مليوني مواطن عن استشهاد وإصابة ما لا يقل عن 689 مدنيا بينهم 92 طفلا وامرأة منذ مطلع إبريل 2015 وحتى 14 يوليو 2020م.
ووفقاً للإحصائية فإنه بلغ عدد الصواريخ البالستية وصواريخ الكاتيوشا التي استهدفت الأحياء السكنية والأعيان المدنية بمدينة مأرب 244 صاروخا توزعت بين 112 صاروخاً باليستياً و131 صاروخا نوع كاتيوشا، وصاروخ واحد نوع أورجان.
كما قامت مليشيا الحوثي قامت خلال الفترة " 1 سبتمبر 2014 حتى 31 أكتوبر 2018"، بتفجير (753) منزلاً سكنياً و(45) مسجداً ودوراً للقران، و(36) مدرسة ومرفق تعليمي، و(27) مركزاً ومحلاً تجارياً، و(12) مزرعة وبئر ماء، و(11) مقراً حزبياً، و(9) مبان حكومية، و(3) مرافق صحية، و(2) معلماً أثريا، بحسب تقرير صادر عن تحالف "رصد".
وتمثل هذه الأعمال انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة التي جرّمت تفجير الممتلكات أو المنشئات، وعدته انتهاكاً صريحاً وخطيراً ومخالفة جسيمة لما قررته نصوصها، وألزمت كل الدول المتعاقدة بفرض عقوبات جزائية فعالة لمرتكبي هذه الأفعال ومن يأمرهم باقترافها، وشددت على مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال على الصعيد الوطني والدولي، وضرورة عدم افلات المرتكبين من العقاب.
كما أكد النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما 17 يوليو 1998 في مادته الثامنة ان افعال التفجير والتدمير للممتلكات والاستيلاء عليها بالقوة بمثابة جريمة حرب، وانتهاكا جسيما ومخالفة لاتفاقيات جنيف الاربع، إلا ان المنظمات الحقوقية الدولية تلتزم الصمت تجاه كل جرائم مليشيا الحوثي الانقلابية وتضج صراخاً وتنديداً إذا ما تعرضت هذه المليشيا للاستهداف.
التداخل السياسي في أداء المنظمات
وقال المحامي عبدالرحمن برمان رئيس المركز الأمريكي للعدالة في تعليقه على ازدواجية الأداء الحقوقي والإنساني في اليمن، إن الكثير من المنظمات الدولية وخصوصا الهيئات التابعة للأمم المتحدة فقدت مصداقيتها وحيويتها ومسؤوليتها القانونية والأخلاقية بشكل عام وتجاه المسألة اليمنية بشكل خاص.
وأوضح في تصريح لـ"أوام أونلاين"، أن هذه المنظمات أصبحت تدار بإدارة سياسية خصوصاً هيئات الأمم المتحدة والجهات التابعة لها، وأصبحت السياسية الدولية للدول الكبرى تؤثر بشكل كبير جدا على قراراتها ومواقفها.
وأضاف، أن هذا التداخل السياسي جعل الدول الكبرى تدلل مليشيا الحوثي الانقلابية وتتعامل معها كأمر واقع، وفي بعض الأوقات يتعاملوا معها كسلطة، ويقفوا في كثير من المواقف في صفها، كما حدث في الحديدة ويحدث حالياً في المفاوضات من قبل المبعوث الأممي،
وأشار إلى أن كل هذا انعكس على أدى ومهنية المنظمات، باعتبار ان المنظمات تتلقى تمويلها من تلك الدول ومندوبيها موجودين ومتدخلين فيها، وينفذوا أجندتهم السياسية الخاصة ولا ينفذوا قوانين وأخلاقيات الأمم المتحدة التي من أجلها أنشئت ووجدت هذه المنظمات.
الضعف الدبلوماسي للشرعية
ترقى جرائم قصف المدنيين والأحياء السكنية والمستشفيات والمؤسسات العامة والخاصة إلى جرائم حرب وفقاً للقوانين الدولية، الأمر الذي يمنح الحكومة الشرعية فرصة تحريك آلاف الملفات الحقوقية التي تحتوي على وقائع موثقة ومثبتة لإجرام مليشيا الحوثي في المحافل والمحاكم الدولية، وتفضح الوجه الحقيقي للحوثيين.
ويرى رئيس المركز الأمريكي للعدالة، أن ضعف الحكومة الشرعية في نقل هذه الاحداث والجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق المدنيين بصورة رسمية عن طريق وزارتي الخارجية وحقوق الإنسان والهيئات الدبلوماسية لليمن في الخارج، وممثلي اليمن في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، جعل من عملها في هذا المجال شبه مشلول.
ويعتقد برمان أن أحد أسباب انحياز المجتمع الدولي لمليشيا الحوثي الانقلابية، هو تواجد العديد من الخلايا في الخارج التي تعمل كشبكة علاقات واحدة من اليمن إلى العراق إلى البحرين ولبنان إلى إيران، ولديها آلة إعلامية وخطوط تواصل وتمويلات مالية كبيرة وتنسيق قوي جداً مع منظمات خارجية تساندها في نقل الحقائق المغلوطة والغير صحيحة للمجتمع الدولي.