أوام أونلاين – خاص:
قال محللون سياسيون، إن موافقة مجلس الأمن بالإجماع على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة غربي اليمن، لمدة عام كامل، يندرج في إطار دعم مساعي المبعوث الأممي مارتن غريفيث والتي تطيل أمد الصراع وانقلاب الحوثي والحيلولة دون استعادة الدولة.
وكان المجلس أقر في جلسته المنعقدة مساء الثلاثاء التمديد للبعثة عاماً إضافياً خلافاً للعادة وهي ستة أشهر وآخرها نهاية يناير الماضي حين اتخذ قرارا بتمديد ولايتها لمدة 6 أشهر إضافية تنتهي منتصف الشهر الجاري.
وعهد القرار للبعثة الأممية "قيادة ودعم عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار، بمساعدة أمانة تتألف من موظفين من الأمم المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار وإعادة انتشار القوات وعمليات إزالة الألغام على نطاق المحافظة". على الرغم من فشلها في القيام بكامل مهمتها وهي التي صرفت العام الماضي فقط 56 مليون دولار.
دعم المبعوث لإحياء مسار ميت
وتعليقاً على التمديد، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي، إن "هذا الموقف له علاقة بالدفاع عن الدور الدبلوماسي للمبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي كانت مشاورات السويد ونتائجها أهم اختراق حققه بفضل الضغط الذي مارسه وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس".
وفي تصريحات لـ"أوام أونلاين" أوضح التميمي أن "التمديد لمدة سنة يعني أن الأمم المتحدة لن تكون مضطرة لتعطيل دور البعثة بسبب عدم استجابة الأطراف"، مؤكداً وجود "رغبة لإبقاء هذا المسار حيا عبر دور أممي ميت وانتهازي ومنافق".
وأضاف "لا يريدون التشويش على مهمة جريفيث التي تدور حول مبادرة إطلاق النار، لأن الإقرار بفشل مسار الحديدة سيؤثر على مساعيه التي يبدو أنها تأتي في سياق تفاهم خفي بريطاني سعودي إماراتي على تسوية تودي بالدولة اليمنية وتشرعن للوقائع التي أسسها التحالف وتشمل الحوثيين والانتقالي وجماعة حراس الجمهورية وطبعا على حساب الشرعية وأدواتها".
مهام على الورق
وتشكلت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة بموجب قرار رقم 2452 (لعام 2019) بداية لمساعدة الأطراف اليمنية على إعادة انتشار القوات الموجودة في مدينة وموانئ الحديدة والليف ورأس عيسي، بحسب ما ورد في اتفاق استوكهولم الذي وقع في ديسمبر 2018 بين الحكومة والحوثيين.
وتركز مهام البعثة، بحسب القرار، على أربع نقاط لدعم الطرفين. وأبرزها "قيادة ودعم عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار، بمساعدة أمانة تتألف من موظفين في الأمم المتحدة، للإشراف على وقف إطلاق النار". كما "ورصد امتثال الطرفين لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، وإعادة نشر القوات على أساس متبادل من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى". ونجحت البعثة في وضع أربع نقاط مراقبة.
كذلك تركز المهام على "العمل مع الطرفين بغية أن تكفل قوات الأمن المحلية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وفقا للقانون اليمني." كما "وتيسير وتنسيق الدعم المقدم من الأمم المتحدة لمساعدة الطرفين على التنفيذ الكامل لاتفاق الحديدة".
وفي نهاية أبريل الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، سحب أغلب أفراد البعثة ولم تُبق إلا على 12 شخصا ضمن فريقها في الحديدة بحجة الخوف عليهم من وباء كورونا الذي بدأ الانتشار في اليمن يوم العاشر من نفس الشهر.
إطالة أمد الصراع والانقلاب
بدوره، أعاد الكاتب عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات، التذكير بأن هذا التمديد يأتي في سياق الدور الذي لعبه المبعوث منذ البداية والذي "ركز على حل القضية اليمنية من خلال آلية تجزأة القضية إلى عدة مشاكل يتم البحث عن حلول حول كل واحدة بشكل مستقل كان الهدف هو الوصول إلى اتفاقيات متعددة لا تحل مشكلة الانقلاب ما يعني تحقيق أهداف لا تتعلق باليمنيين وفِي نفس الوقت تطويل زمن الحرب".
وأضاف في تصريحات لـ"أوام أونلاين" أن "لجنة الحديدة كانت المدخل لتفريغ القضية اليمنية وطهر ذلك جليا بعد إيقاف تحرير الحديدة ، فقد ألزمت الشرعية بعدم الدخول إلى المدينة بينما لم تلزم الميلشيات بتنفيذ بقية البنود خاصة تلك التي تتعلق بالجوانب الإنسانية مثل المختطفين والمعتقلين والأسرى وفتح الطرقات، بل أن الحوثي ضمن توقف جبهة استنزاف كبيرة وتفرغ للجبهات الأخرى".
وأشار إلى أنه "ومن وقت توقيع اتفاق استكهولم حتى الآن شهدت الشرعية تقييدا كبيرا لحركتها وقدرتها في مقابل استثمار الميلشيات لذلك وسيطرتها على كثير من المناطق المحررة التي كانت بحوزة الشرعية".
وتابع رئيس مركز أبعاد للدراسات "ما يعني استمرار تنفيذ هذه الاتفاقية التي كان من نتائجها اللجنة الأممية في الحديدة ليس هدفها السلام وإنهاء الانقلاب بل تفكيك الشرعية وعمل اتفاقيات متوازية لكل مشكلة تمهيدا لفرض محاصصة في الحكم كما هو في لبنان أو العراق".
صرف ملايين الدولارات
ويأتي التمديد رغم فشل البعثة في تحقيق المهام المكلفة بها، وإنفاقها العام الماضي نحو 56 مليون دولار، إضافة إلى تكاليف أخرى غير مرصودة، بمعدل صرفيات شهرية تتراوح بين 2.4 - 4.6 مليون دولار، بحسب وثائق أممية نشرتها الناشطة رشام جرهوم في مارس الماضي.
وثيقة أممية تكشف صرف البعثة 56 مليون دولار في 2019
ووفقاً لتلك الوثائق، فقد بلغ عدد موظفي بعثة الحديدة 183 موظفاً في 2019 وبلغ إيجار السفينة لمقر البعثة 810 آلاف دولار شهريا.
ونوهت رشا جرهم أن البعثة استأجرت في 2019 فندق فور سيزن بواقع 3 ملايين دولار، وفللا بواقع 1.8 مليون، بينها الفلل التابعة لبرنامج الغذاء العالمي وأماكن إقامة في صنعاء بواقع نصف مليون مع الصرفيات المتعلقة بالفندق والفلل شملت أيضا أعمال صيانة.
وثيقة أممية تكشف حجم صرف البعثة في الحديدة على السكن