أوام أونلاين – خاص:
بدأ اهتمامه بمتابعة أحوال الطقس والتغيرات المناخية التي تشهدها اليمن بعد إعصاري "تشابالا" و "ميغ" في نوفمبر 2015 واللذان ضربا المدن الساحلية من المكلا إلى سقطرى فشبوة ثم أبين وخلفا خسائر بشرية ومادية كبيرة، وحز في نفسه ما رأه من تقصير كبير في جهود توعية المواطنين بهذه الظواهر وحركتها وكيف يمكن لهم التخفيف من تداعياتها.
ومن ذلك الوقت وجميل الحاج يبحر في مجال بعيد كليا عن تخصصه العلمي في علم الإدارة لكنه أصبح شغوفاً به ويحرص كل يوم على تطوير خبراته فيه من خلال التعليم الذاتي حتى تفرغ له بشكل شبه كلي بعد إنهاء دراسته الجامعية عام 2017.
حكاية البداية
يقول جميل عن بدايته الأولى لـ"أوام أونلاين": "الأعاصير لفتت انتباهي للاهتمام بظواهر التغير المناخي وما يمكن أن يسببه من كوارث بيئية مدمرة على اليمن، فأخذت من يومها ابحث واتابع المواقع الصفحات والمجموعات المتخصصة بالطقس والمناخ والبحث في جوجل عن دراسات علمية حول ظواهر المناخ والتغير المناخي".
وتشير تقارير مختصة بهذا الجانب، إلى أن اليمن معرض للكوارث ويواجه عددًا من المخاطر الطبيعية كل عام، وتشكل الفيضانات أبرز أشكال الكوارث في البلاد، وغالبًا ما تؤدي الفيضانات ذات الكثافة العالية لخسائر الأراضي الزراعية، واقتلاع الأشجار المثمرة، وموت الحيوانات التي تجرفها المياه، وتدمير البنية التحتية، مثل مرافق الري والطرق.
اكتساب المزيد من الخبرة كراصد جوي هو ما كان يشغل جميل ولا سبيل لتحقيق ذلك سوى بالتعليم الذاتي عبر الانترنت وساعده في ذلك لغته الإنجليزية التي درسها سابقاً في المعهد الأمريكي بصنعاء وخبرته في مجال الحاسوب.
مرحلة أخرى وتوعية الناس
وبعد عامين من القراءة والاطلاع والتعلم بهذا المجال، انتقل إلى مرحلة أخرى هي "البحث ودراسة الظواهر المناخية في البحر العربي وشمال المحيط الهندي وأسباب تكوّن المنخفضات الجوية والمدارية والعواصف والأعاصير والرياح وتحركاتها واتجاهاتها، بالإضافة إلى دراسة الظروف والعوامل اللازمة لتشكل وتكوّن السحب ومناطق الضغط المختلفة وتحركاتها والأخاديد الجوية الرابطة بين المنخفضات الجوية التي تمر عبرها السحب الركامية الثقيلة".
ومع مرور الوقت واكتساب خبرة جيدة في قراءة الحالة الجوية، عكس جميل الحاج ما تعلمه في محتوى توعوي عبر صفحاته الشخصية على موقعي تويتر وفيس بوك وظل على هذا الحال يقدّم النصائح والتحذيرات المصحوبة بالصور والرسوم المأخوذة من الأقمار الصناعية وكان التفاعل معه ينمو بشكل بطئ حتى أصبحت منشوراته اليوم تتداول بين النشطاء وفي مجموعات تطبيق واتساب ويتناقلها الأصدقاء لتحذير وتنبيه الناس في المناطق المعرّضة للتغيرات المناخية.
يقول الصحفي سامي نعمان الذي يتابع نشاط جميل إنه "يعمل كغرفة أرصاد جوية متكاملة، يوافيك بتحديثات الطقس والأحوال الجوية بالساعة وأحيانا بالدقيقة ومن واقع وصور الأقمار الصناعية، خصوصا حينما يكون هناك اضطرابات جوية"، مضيفاً في تغريدة له أنه منذ أيام وهو يراقب حسابه على موقع تويتر ولا يكاد ينقطع عن التحديث وتزويد التحذيرات.
تجربة وفرصة ونصائح
وقد تكررت تجربة الألم والصدمة مع جميل "في عام ٢٠١٨، عندما ضرب إعصار لبان المهرة وحضرموت وتسبب بأضرار واسعة في البنية التحتية والأراضي الزراعية، دون وجود مراكز إنذار أو تحذير للمواطنين وتركهم يواجهون مصيرهم على غفلة دون معرفة بما سيحدث فتألمت كثيرا"، لكنه قرر تحويلها إلى فرصة للانطلاق والتحفيز "لمواصلة تعليمه الذاتي ودراسة الظواهر ذاتيا والاستفادة من موديلات الطقس العالمي ومراكز الإنذار المبكر العالمية التابعة لأهم المؤسسات و الأقمار الصناعية المتخصصة بالمناخ مثل ناسا والموديل الأمريكي (GFS) ومواقع كثيرة تابعة لمنظمات أمريكية وأقمار صناعية أوروبية مختلفة".
يقول إنه إذا كان هناك من نصيحة يوجهها من وحي ما تعلمه فهي للحكومة "بضرورة تأسيس مركز إنذار مبكر تابع للدولة وتوفير وسائل اتصال لإيصال رسائل التحذير والتنبيهات لكل المواطنين في مناطق الخطر ودعم مراكز الإرصاد وكوادره وإقامة دورات تأهيل لهم بالرصد والمتابعة وفهم ما يحدث من تغيرات مناخية والمؤشرات التي تظهر بصور الأقمار الصناعية العالمية ودراستها وتحليلها والتنبوء بما سيحدث من أمطار وأين ستهطل ومتى ستهطل وما هي التوقعات المحتملة والأضرار وتنبيه الناس لتجنبها".
سيكون مؤسفاً بالنسبة له إذا لم يكن هناك تجاوباً حكومياً كما يتوقع، لكنه لن يدفعه للتوقف عما يراه واجباً في توعية الناس بأحوال الطقس ليأخذوا حذرهم واحتياطاتهم قدر الإمكان لتقليل الخسائر، ولأجل هذه الغاية والهدف فهو سيكثف "النشاط والجهود ليلا نهارا والتطوع للقيام بالمهمة بالإمكانيات الذاتية كخدمة إنسانية ومسئولية وطنية تطوعية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة الناس وممتلكاتهم".
يدعو جميل "الحكومة والسلطات المحلية تغيير سياساتها وطرق وأساليب بناء الطرق والجسور وكل البنية التحتية بالشكل المناسب لمواجهة العواصف والسيول والفيضانات والبروق وتوعية الناس بكيفية التعامل مع نتائج التغيرات المناخية والسيول والفيضانات والرياح العاتية والبرد الكثيف وعمل واقي من الصواعق على منازلهم لحمايتها".
"توعية الصيادين وسكان السواحل الشرقية أمر مهم كونهم من المعرضين لأكبر المخاطر نتيجة الرياح والأمواج والاصطدام المباشر للأعاصير والعواصف المدارية"، يضيف جميل.