أوام أونلاين – خاص:
وجه المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، مناشدة لكل من الحكومة اليمنية والحوثيين بشأن أزمة المشتقات النفطية بدت من وجهة نظر مراقبين أقرب إلى تبني رواية الحوثيين الذين اختلقوا الأزمة واتهموا التحالف والحكومة بالوقوف ورائها بهدف استثمارها سياسياً ومالياً للتربح من خلال تجارتهم في السوق السوداء.
وقال في تغريدة حبر حساب مكتبه بتويتر "أناشد حكومة اليمن وأنصار الله المشاركة بشكل بنّاء وسريع في سعيي للسماح للسفن بالدخول إلى ميناء الحديدة واستخدام الإيرادات لدعم رواتب موظّفي القطاع العام. من الضروري إيجاد حلّ يعلي مصالح الشعب اليمني".
تبني أممي لرواية الحوثي
وقد رأى مراقبون في التغريدة تبنياً لرواية الحوثيين التي تحمّل الحكومة والتحالف المسؤولية بزعم احتجازهم 15 سفينة محملة بالنفط من الدخول إلى ميناء الحديدة، على الرغم من اعترافهم باحتجاز عشرات القاطرات في منافذهم التي استحدثوها بين المحافظات، وتأكيد الحكومة أنها منحت تصاريح دخول للسفن لهذا الميناء تمثل ما يزيد عن 53 في المئة من المشتقات المصرح بدخولها إلى اليمن خلال نفس الفترة.
ولم يكتف المبعوث بتبني رواية الحوثيين فحسب من وجهة نظر المراقبين الذين انتقدوه على تغريدته، بل أضاف لذلك الدفاع عنهم بنفي تهمة نهبهم أموال إيرادات المشتقات المستوردة والتي تم الاتفاق عليها برعايته في نوفمبر 2019، وكذلك وضع الحكومة في نفس الدائرة معهم بعرقلة تنفيذ الاتفاق مع أنها التزمت به من جانبها ونقضه الحوثيون ولم يدينهم في إحاطاته المختلفة بدءاً من إحاطة 14 مايو التي قدمها لمجلس الأمن وضلل أعضائه بخصوص الأموال بتقديمه رواية توحي أن الحوثيين يعتزموا أخذ الأموال بينما كانوا قد نهبوها في الواقع.
وقد أثارت التغريدة ردود فعل من قبل المعلقين الذين ردوا عليه متسائلين عن مساواته بين الحكومة والحوثيين في الأزمة وكتب الباحث السياسي مصطفى الجبزي، قائلاً "هذه التغريدة تحمل ادانة مبطنة للحكومة والتحالف وتتسق مع اتهامات الحوثيين أن أزمة المشتقات وراءها التحالف بينما مئات القاطرات ما تزال محتجزة في المنافذ بين مناطق الشرعية والحوثيين".
أزمة مختلقة
وبدأت الأزمة بعد احتجاز الحوثيين شاحنات الوقود في المنافذ، بزعم أنها "غير مطابقة للمواصفات"، وقالت قناة "الساحات" التابعة لهم، يوم الجمعة، في أحد برامجها إن مندوبي شركة النفط في صنعاء منعوا مرور 60 قاطرة في منفذ الجوف، و100 قاطرة في منفذ عفار بالبيضاء، و50 قاطرة في منفذ الحديدة، و50 قاطرة في منفذ تعز.
وبعد اختلاقهم الأزمة، سارعوا لتبني حملة إعلامية وسياسية واسعة تروج بأن التحالف والحكومة احتجزوا 15 سفينة محملة بالمشتقات النفطية، ومنعوها من دخول ميناء الحديدة الذي يسيطرون عليه، وهو اتهام اعتادوا على توجيهه طوال السنوات الماضية كلما أرادوا خلق أزمة من هذا النوع أو أرادوا تحقيق أهداف معينة، إلا أن الحكومة رفضت اتهاماتهم وقالت إنهم افتعلوها بشكل مقصود.
وأدت الأزمة إلى خلق سوق سوداء تباع فيها المادة الحيوية بأكثر من ضعف سعرها الرسمي، وتأتي هذه الأزمة بعد أن أقر الحوثيون في الفترة الماضية، زيادات جديدة على أسعار المشتقات النفطية في مناطق سيطرتهم، ليرتفع سعر لتر البنزين من 325 إلى 365 ريالاً يمنيا كما رفعت سعر الديزل إلى 430 ريالا للتر الواحد، حيث يهيمنوا عن طريق أكثر من 25 شركة تابعة لقياداتهم على السوق السوداء.
وبحسب شهادات مواطنين فقد وصلت سعر الدبة البترول بصنعاء اليوم الجمعة أكثر من 20 ألف في السوق السوداء مع انعدامها بمحطات شركة النفط. وتداول ناشطون صوراً لطوابير طويلة للسيارات تصطف أمام محطات الوقود.
وقال هؤلاء في أحاديث مع موقع "أوام أونلاين" إن الأزمة مختلقة كما تعودوا لخلق سوق سوداء لبيع البنزين والديزل.
تصاريح بأكثر من المطلوب
وقالت اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة يوم الإثنين، إن الحوثيين احتجزوا أكثر من 150 شاحنة وقود ومنعها من الدخول إلى مناطق سيطرتهم، مشيرة إلى أنهم يهددون "التجار ويرهبون العاملين على القاطرات في إصرار واضح للمتاجرة السياسية بمعاناة المواطنين وتعزيز السوق السوداء التي يديرونها".
وأضافت اللجنة أن هذا المنع يأتي "بعد أن بذلت الحكومة كل جهودها وقدمت تسهيلاتها لنقل المشتقات النفطية من المناطق المحررة إلى مناطق الخضوع للتخفيف من معاناة المواطنين والحد من نشاط السوق السوداء".
وأوضحت أن الوقود الذي تم نقله بواسطة المقطورات من المناطق المحررة إلى مناطق الحوثيين تم استيراده بشكل قانوني إلى الموانئ في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، مؤكدة "أن الوقود مطابق للمواصفات وخضع لجميع ضوابط الفحص والقرارات الحكومية وقوانينها ولديه شهادات فحص من شركات دولية بسلامة المواصفات الفنية وبما يؤكد قانونية مصدرها".
وأكدت أن كمية المشتقات النفطية التي تم منحها وثائق الموافقة وتصاريح الدخول إلى ميناء الحديدة وتغطية المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خلال الفترة الماضية من العام الجاري تبلغ حوالي 396 ألف طن، وتمثل ما يزيد عن 53 في المئة من المشتقات المصرح بدخولها إلى اليمن خلال نفس الفترة.
جبايات السوق السوداء والواردات
ويجني الحوثيون من الرسوم المفروضة على واردات الوقود عبر ميناء الحديدة، ما لا يقل عن 300 مليون دولار سنوياً، بمتوسط شهري يبلغ 24 مليون دولار، فضلاً عن عائدات الوقود الذي يباع في السوق السوداء والذي ارتفعت أسعاره عدة مرات خلال العامين الماضيين، بحسب تقرير أعده فريق خبراء لجنة العقوبات التابعين للأمم المتحدة بشأن اليمن ونُشر مطلع العام.
وأكد التقرير أن الحوثيين جنوا ما يصل إلى 1.14 مليار دولار من توزيع الوقود والنفط في السوق السوداء، عبر شركات يملكها قياداتهم ورجالهم المقربون يصل عددها إلى أكثر من 20 شركة لتمويل الحرب وجبهات القتال.