أوام أونلاين – خاص:
أشاد مثقفون وباحثون يمنيون بموقف حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي أصدره بخصوص وثيقة التمييز العنصري والسلالي التي أصدرتها مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، مؤكدين أن الإصلاح عبّر عن موقف اليمنيين ونبضهم وحمل مطالبهم بكل فخر واعتزاز.
وأصدرت الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح، بياناً مساء الخميس أكدت فيه أن وثيقة الحوثيين "عنصريٌّة تكرس التمييز، وتفرز المواطنين، وتمنح المتمردين الامتيازات على أسس عرقية وسلالية" مؤكدة على "ضرورة التجريم لكل أشكال العنصرية، وصنوف التمييز الطبقي، وكل ما من شأنه أن يتعارض مع قيم العدالة والمساواة وحق المواطنة ومبدأ الإخاء الوطني".
وفي تطابق مع ما يطالبه به اليمنيون عبر مواقع التواصل ووسائل الإعلام، دعا الإصلاح "البرلمان إلى إصدار قانون يجرّم التمييز العنصري والطبقي والسلالي، ويكرس مبدأ الحقوق المتساوية لجميع المواطنين" كما دعا "إلى إعادة صياغة مناهج التعليم بروح وطنية تهدف لتحرير العقول وتحصينها من تأثير حقب الإمامة السوداء وتاريخها المظلم".
وكانت مليشيات الحوثي أصدرت مؤخرا وثيقة باسم الزكاة تمنح 20% من إيرادات الدولة لمن تسميهم بـ"الهاشميين" كما تمنحهم أسهم مصارف الزكاة، وقد لاقت رفضا يمنيا واسعا على كافة المستويات وسط مطالبات بتجريم التعصب بكافة صوره وأشكاله.
بيان معبر عن اليمنيين ومشروع مرحلة
ووصف القيادي بحزب الرشاد، محمد عيضة شبيبة، البيان بأنه بالواضح والقوي، مشيراً في تعليقه على صفحته بالفيس بوك، إلى أن البيان "هاجم المدعو يحيى الرسي مؤسس الإمامة السلالية العنصرية، وطالب بإسقاط وتجريم عنصريتهم السلالية عبر قانون يُصدره مجلس النواب... وَنَصَّ على أنَّ من لم يكفه شرف الإنتماء للحضارة اليمنية فهو مريض يحتاج إلى علاج وعقاب".
بدوره، قال الباحث السياسي ثابت الأحمدي، إن بيان الإصلاح "مُترع بالهوية اليمنية"، مضيفا في منشور له على صفحة فيس بوك "وجـدنا بيـانا صِيغَ بلغة الشّـعب، ينتـميْ للسّــواد الأعظـم للجمـاهـيـر، وهـو على عكـس البياناتِ السّـابقة التي كنا نقـرؤها للحــزب، ذات طابعٍ "فوقي"، يغلـبُ عليهـا الدبلوماسيّـة البـدائيّـة، والمُنَــاورة المُرتجفـة، والحَـذر المُبـالغ فيـه. "شخصًا ما في السُّلطة" أنموذجـًـا..!!!!!".
وأكد أن "لغة البيان كما تشي مَساماتُه ــ كُتبت بقلــمٍ شبَـابي، مُستنــير، تتضـوّعُ منـه روحُ الوطنيّـة وصـدق الانتمـاء للقضـيّـة اليمنيّـة؛ بأفـقٍ أوسـع ورؤيـة أشْمـل، وأنه عبَّر عن لسانِ أبنــاء اليمــنِ قاطبـة، وليس عـن التجمـع اليمنـي للإصـلاح فحسب؛ وإن كان مذيلا باسم الإصْـلاح"، لافتاً إلى أنه " غاص البيـانُ في الماضي مُستقرئا عُمق القضيّـة، وحلّقَ في المستقبل مستشرفًا آفاق الحـل، فشخّـصَ الــداءَ، ووضـع الـدواء".
وأوضح أن البيان أكد على جملة من المضامين الهامة منها تأكيده على "الأهميّــة الاسْـتراتيجيّـة الكـبرى والجوهريّة وهي النظـامُ الجُمهوري، البديل الحقيـقـي للكهنـوتِ الإمـامـي البغيـض، والهُويّة اليمنـيّة الجامعَـة لكل مواطن يمني، بما تحمله من إرثٍ ثقــافـي وحضَــاري عـريق، مع الإشَـارة إلى تجـريمِ كل أشْـكال العُـنصـريّـة والتميـيز الطبـقـي وكل ما من شأنه أن يتعـارضَ مع قيمِ العَــدالة والمسـاواة والمواطنـة".
وختم بالإعراب عن أمله "أن يمثّـلَ هذا البيَـانُ خارطـة طـريق مستقبليّـة، لا لإخواننا في الإصْـلاح فحسب؛ بل لكل القـوى السيــاسيّــة، وأولها المؤتمـرُ الشّـعبي العَـام. وندعُـو بقيّــةَ الأحـزابِ السّـيـاسـيّـة أن تنتهـجَ ذاتَ النّـهـجِ برؤيةٍ وطنيّــةٍ مُسْـتـنـيرة، لتتـكاملَ الرؤى وتتعـاضـدَ الجُهــودُ، من أجـلِ رُؤيـةٍ موحّـدة، وموقفٍ متكاتفٍ تجــاهَ أبغـضِ كيَــانٍ سُـــلالي عَـرفه التّــاريْـخ، قضى على ماضي اليمـنِ، ودمّـر حاضـرَه، ويسعى لتقويضِ ما تبقى في المُستـقـبل".
موقف وطني يستحق الإشادة
من جانبه، أكد عادل الأحمدي، رئيس مركز نشوان الحميري، للدراسات والإعلام أن "بيان الإصلاح قوي، وقوته لا تقتصر على الإدانة الواضحة للصوصية الخُمس، بل لاشتماله أيضا، جملة من المضامين الوطنية والانسانية بلغة واعية وإلمام متمكن بدروس التاريخ وخصائص الهوية ومقاصد الشريعة ومصالح الشعب"، مضيفاً بأنه "يستحق الإشادة من خصوم الإصلاح قبل أنصاره، وبانتظار بقية القوى الوطنية".
وفي السياق، أوضح الكاتب والمهتم بالتاريخ، موسى قاسم، بأن "احتفاء اليمنيين بالبيان القومي لحزب الإصلاح الذي وضع أصبعه على جرح اليمن النازف، دليل واضح على أن ما يجمع هذا الشعب المنكّل به من قبل العنصرية الهاشمية هو الصوت الوطني الصادق، وأن ما يحتاجه هو القيادة التي تدرك عمق المأساة اليمنية لتبدأ معركة استعادة الوطن السليب وجمهوريته الخالدة".
وأضاف الناشط السياسي في حركة القومية اليمنية (أقيال) عبر حسابه على موقع تويتر"أن البيان القومي العظيم للإصلاح استعاد روح الحركة الوطنية اليمنية التي بدأت منذ قرون من الزمن، استعاد عنفوان وشموخ أقيال اليمن حسن بن أحمد الهمداني ونشوان بن سعيد الحميري وسعيد بن ياسين العنسي وأحمد فتيني الزرنوقي ومحمد محمود الزبيري وكل أحرار وثوار اليمن خلال القرن العشرين وعبر العصور".
وتابع "هذه الروح الوطنية خبتْ وهمدتْ لعقود طويلة، ولأسباب كثيرة، خاصة بعد ثورة 26 سبتمبر الخالدة، وكانت عواقب ذلك الهمود أنْ عادت العنصرية الهاشمية بكل قبحها وعنصريتها ودمويتها لتفخيخ الدولة اليمنية ونشر الحروب والخراب في كل شبر من هذه الأرض الطيبة".
وأكد أن "تلك الروح اليمانية السامقة بدأ في إيقاظها وترميمها قبل سنوات حراك الأقيال، مستشعراً خطورة الإرهاب السلالي على وجود الدولة اليمنية، وهاهو الوعي الوطني المنبثق من صميم الذات اليمنية الحضارية والإرادة اليمنية الفذة يحلّق في كل زوايا الوطن من أجل استعادة الحق اليمني الأبلج في الحرية والكرامة والمواطنة العادلة".
تعبير عن الهوية اليمنية بوضوح ولغة قوية
أما الباحث السياسي، سليم الجلال فقال إن بيان الإصلاح "انسابت فيه كل ثورة عربية وانسانية عالمية وثورات اليمن مدماك البيان واسسه ومنطلقاته ومحدداته وصيرورته نحو المستقبل الذي اعتمره الإصلاح ببيانه؛ فلم تقف لغته وموقفه وسلوكه على ما هو كائن بل قال ما يجب عليه أن يكونه واليمن واحزابه وقواه".
وأضاف في منشور له على صفحته بموقع فيس بوك "فقد ترك لغة التخشب وألاعيب لغة السياسة المخاتلة وقال بعظمة لسانه أنا وكل يمني الهوية والإنتماء والنضال المشترك في مواجهة هذه العنصرية وثوابت اليمنيين هي خطنا الذي لارجعة عنه؛ بلغة البيان فهو يضع كل امكانياته وقوته وعلاقاته كرافعة ووظيفتها للتحرر المجتمعي ككل ، سياسيا وثقافيا وامنيا واجتماعيا".
وأشار إلى أن البيان تشع منه "روح المدنية ووحدة النضال والهم الوطني المشترك الذي تشع في كل مفردة وفكرة ومعنى في البيان ولا تفارقه ، وبالتالي فهي تفقأ عين الزيف والتهريج الإعلامي والنقار الأيدلوجي المشبع بالديماغوجية وتضع حدا له عند كل ذي عقل سياسي وقلب وطني وصاحب لغة منطقية ومنصفة وعادلة".
ويواصل قائلاً :"يحفظ البيان للإصلاح غناه الوطني اقداما وتضحية ونضالا وموقفا وسلوكا ، كما يتخذ من اليمانية روح له موجهة ومحددا ، اصالة فكرية وايدلوجية وتجديدا وتحديثا لذلك الفكر وتلكم المواقف واتخاذ سلوكيات رجال اليمن "علماء وثوار وفقهاء ومثقفين" وسيلة وغاية ومدخلا للتجديد؛ حيث لغة البيان وقسمات روحه تقتفي الأصالة والمعاصرة وترنو إلى حداثة من صلب هذا التراث الغني وذلك الإرث البهي في مقارعة ظلم الإمامة وقبحها الذي لا نظير له".
وأضاف "تشبع البيان مثلما هي مواقف الإصلاح وسلوكياته ازاء خطر الحوثية وبناها المدمرة بروح العدالة كما جاء به الإسلام وسنت عليها كل قوانين الأرض التي اتخذت منها اساس نهجها القانوني وقامت عليه بنى الدول ذات الحضارات الأصيلة وصاحبة حقوق "الإنسان الذي هو غاية ما في الطبيعة " وبه ومن اجله كانت الأديان السماوية ودين الإسلام ومبادئه السامية بوصلتها".
ولفت الجلال إلى أن "البيان لا يشهد على صوابية الإصلاح نهجا وموقفا ازاء قبح الحوثية فحسب، بل ان تجسيد الإصلاح لكل ما جاء فيه حرفيا كسلوك دام ومخلد هو ما يضع الإصلاح على عتبة القيادة السياسية والمجتمعية لكل القوى والأحزاب والمنابر الثقافية والأقلام الحرة والمسئولة لانبراء التحولات المجتمعية على كافة المستويات والتي تحقق من خلالها انسان اليمن وحضارته ..يمن الكرامة والقوة والمنعة والمجد".
وختم منشوره بتوجيه "تحية واعتزاز لهذا البيان التاريخي والثوري والشجاع وليس غريبا عن الإصلاح الذي جعل من ذاته جسرا لعبور اليمن إلى المستقبل الذي اختطه بنوه وأرادوه فعلا وواقعا وحلما".
من جانبه، وصف الكاتب والصحفي همدان العليي، البيان بـ" الأقوى والأدق والأشمل في توصيف جذور المشكلة اليمنية وتحديد الحل"، مؤكداً في تغريدة له على موقع تويتر، أن "المرحلة تحتاج شجاعة ووضوح وحسم.. لم يعد الوقت مناسبا لاستخدام الألفاظ الدبلوماسية والمواقف الضبابية. لن ننتصر بالجبناء وأصحاب الوجوه المتعددة أبدًا".
وقال الصحفي غمدان اليوسفي في تغريدة له عبر حسابه بموقع تويتر، إن "موقف حزب الإصلاح من خُمس الحوثي موقف محترم وسباق لكل القوى السياسية. لاشيء صدر عن بقية الأحزاب ولا الحكومة ولا الرئاسة".
بدوره، اعتبر الناشط السياسي، محمد العميسي، بيان الإصلاح "أحد نجاحات تيار الأقيال"، وهو حركة تطالب بإحياء الهوية اليمنية ومناهضة التمييز السلالي، مضيفاً عبر صفحته بموقع فيس بوك أن "هذا التيار يجب أن يمتد ليصبح هناك أجنحة قومية داخل الأحزاب أقيال إصلاحيين وأقيال اشتراكيين.. ألخ".
وشدد على أن "الحزب الذي لا يتخلى عن تبعيته لامتداده الفكري الخارجي ولا ينطلق من منطلق قومي يمني صرف يجب أن يجرّم"، مطالباً الإصلاح بـ"تجنيد كل الجهود لتحقيق ما ورد في البيان من سن تشريعات تجرم الهاشمية والتمييز ولا يكتفي بالبيان فلا قيمة له مالم يتحول لواقع على الأرض".