أوام أونلاين – خاص:
في الوقت الذي تتوالى التحذيرات من حدوث تسرب نفطي من ناقلة النفط (صافر) الراسية بالقرب من ميناء رأس عيسى في الحديدة على البحر الأحمر، يواصل الحوثيون رفضهم السماح لخبراء أممين بصيانتها أو سحبها قبل حدوث كارثة بيئية كبيرة، ويفسّر خبير نفطي موقفهم بأنه ورقة ابتزاز لمنع استعادة المحافظة ذات الموقع الاستراتيجي والواقعة غرب اليمن.
وحذّرت السفارة الأمريكية في اليمن يوم 23 مايو الجاري، من حدوث تسرب نفطي من الناقلة ما قد يتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر، مشيرة إلى "أن حالة ناقلة تخزين النفط (صافِر) التي يسيطر عليها الحوثيين آخذةٌ في التدهور".
وذّكرت السفارة في تغريدة لها عبر حسابها على موقع تويتر بأن "الحوثيين منعوا لسنوات السماح لخبراء دوليين من تقييم حالة الناقلة. ينبغي على الحوثيين السماح بإجراء فحص وإصلاح دوليين للناقلة قبل فوات الأوان".
تحذير أمريكي واستهتار حوثي
وتحذير السفارة هو الثاني أمريكياً في غضون الأيام القليلة الماضية، بعد أن كانت وزارة الخارجية الأميركية دعت الحوثيين للتعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والسماح للأمم المتحدة بصيانة ناقلة النفط "صافِر"، وقالت في بيان لها إنهم "سيتحملون وحدهم التكاليف الإنسانية إذا ما حدث تسرب للنفط من الناقلة".
لكن الحوثيين ردوا كعادتهم باستهتار زاعمين أنهم يطالبون بصيانتها منذ سنوات بينما هم من يمنع الخبراء الأمميين من القيام بهذه المهمة باعتراف مجلس الأمن نفسه الذي كرر مطالبته لهم بالتعاون والسماح لصيانة الناقلة، التي يستخدمونها لتحقيق أهداف سياسية ومالية.
وترسو الناقلة المسمّاه باسم شركة صافر الحكومية التي تملكها على بعد حوالي 8 كيلو مترات قبالة ميناء رأس عيسى في البحر الأحمر، وهي محملة بحوالي 1.148 مليون برميل من النفط الخام، ويُخشى أن تنفجر أو يحدث تسرب نفطي منها لعدم صيانتها منذ خمس سنوات بسبب رفض الحوثيين ما قد يخلق كارثة بيئية كبيرة لليمن والمنطقة بأسرها في أكثر المناطق الملاحية ازدحاماً يصعب معالجتها في سنوات قليلة، بحسب خبراء.
وتعتبر ميناء عائماً الميناء صُنعت في اليابان عام 1976، ودخلت الخدمة في اليمن في 1986، حيث نُقلت إلى كوريا لتحويلها إلى خزان عائم لتصدير النفط اليمني المكتشَف حينها من حقول مأرب، ووضعت في ميناء رأس عيسى كخزان عائم تحتوي على 34 خزاناً تبلغ سعتها التخزينية الإجمالية قرابة 3.2 مليون برميل.
تهديد وابتزاز
ويرجع الخبير النفطي، عبدالواحد العوبلي، رفض الحوثيين إلى أنهم "حريصين على وجود الناقلة كرهينة أو مصدر تهديد في حالة قرر الجيش اليمني السيطرة على الحديدة مثلا، لذلك هم يلوّحون بتفجيرها والتسبب بكارثة. لكنهم يعرفون أن مثل هذه الخطوة ستجلب عليهم لعنات العالم لما ستسببه من دمار للبيئة البحرية في البحر الأحمر وتعطيل لحركة الملاحة الدولية فيه".
وكانت الحكومة بدعم من التحالف العربي على وشك استعادة مدينة الحديدة وموانئها في نوفمبر 2018، بعدما وصلت قوات الجيش الوطني إلى مطار المدينة قبل أن تتوقف حملتها العسكرية إثر ضغوط دولية قادتها بريطانيا والأمم المتحدة انتهت بدفع الأطراف اليمنية للتوقيع على اتفاق لبقاء الوضع على حاله في 13 ديسمبر من نفس العام في السويد.
وفي تصريحات لـ"أوام أونلاين" أشار العوبلي، إلى هدف آخر وراء موقف الحوثيين وهو "رغبتهم التي أعلنوا عنها أكثر من مرة للحصول على قيمة النفط الموجود في الباخرة ، وسبق أن طلب هشام شرف (ينتحل صفة وزير الخارجية في حكومتهم غير المعترف بها) مبلغ وقدره 80 مليون دولار مقابل السماح للأمم المتحدة سحب السفينة لصيانتها وتفريغها، لأن الباخرة حاليا غير مؤهلة حتى لتفريغها بسبب حالتها المتهالكة".
تحرّك حكومي مستمر
في التاسع من الشهر الجاري، قال وزير الخارجية محمد الحضرمي إن "الحوثيين يمنعون لأعوام وصول فرق الصيانة التابع للأمم المتحدة إلى خزان النفط صافر، ويرفضون دعوات الحكومة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والمجتمع الدولي بكل صلف، واليوم يتنصلون من كل ذلك بكل ابتذال".
ومراراً، حمّلت الحكومة الحوثيين مسؤولية الكارثة البيئية التي ستنتج في حال تسرُّب النفط من خزان النفط العائم «صافر» أو انفجاره، الذي يرسو في مناطق سيطرتهم "كونهم رفضوا خلال الفترات الماضية كل الوساطات البريطانية والأممية ولكثير من الدول التي تدخلت من أجل إقناعهم بإدخال الفرق الفنية الأممية لإجراء أعمال الصيانة اللازمة لها"، بحسب متحدثها راجح بادي، الذي طالب الأمم المتحدة "باتخاذ الموقف الأميركي نفسه، والتحرُّك لإنقاذ الكارثة المتوقعة». لكن المبعوث الأممي في آخر إحاطة له يوم 14 مايو الجاري، لم يتطرق للناقلة نهائياً.
وفي نوفمبر 2019، عممت الحكومة دراسة فنية أعدتها حول المخاطر البيئة المحتملة لتدهور حالة خزان «صافر» النفطي، على جميع المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية بهدف التعريف بالكارثة المحتملة وممارسة الضغط على الحوثيين بغية تسهيل مهمة فريق أممي فني لتقييم حالة الخزان وعمل الصيانة اللازمة لضمان تفريغ المخزون، تفادياً لحدوث كارثة محتملة.
وسبق لمجلس الأمن، أن تناول المسألة منذ قراره رقم (2511) بتاريخ 25 فبراير من العام الجاري حيث شدد على "ضرورة أن يتاح دون إبطاء وصول موظفي الأمم المتحدة لتفتيش وصيانة الخزان".
بيع النفط المجمد في الأنبوب
وفي مارس 2018، باع الحوثيون كميات كبيرة من النفط الخام تقدر بنحو 600 ألف برميل كانت مجمدة في أنبوب تصدير النفط الممتد بطول 470 كيلو متر من حقول صافر النفطية بمحافظة مأرب إلى خزان "صافر" بميناء رأس عيسى والذي يمر عبر مناطق سيطرتهم. ويقدّر الخبير النفطي العوبلي كمية النفط المجمدة في الأنبوب بمليون برميل وقد سرقوها.
وبيعت تلك الكمية للاتحاد التعاوني الزراعي التابع للحوثيين بسعر 70 دولارا للبرميل الواحد حسب الأسعار العالمية آنذاك، بحسب وثيقة صادرة عن محمود النوم مدير المؤسسة العامة للنفط والغاز إلى عمليات وزارة النفط الحوثية.
ووفقاً لسعر الدولار وقتها (الدولار الواحد كان يساوي 400 ريال يمني)، فهذا يعني أن الحوثيين حصلوا على 42 مليون دولار.
