أوام أونلاين – خاص:
قلل مصدر حكومي يمني في تصريحات خاصة لـ"أوام أونلاين" من قيمة ما أعلنه "المجلس الانتقالي" بشأن حرمان السفن التي تنقل نفط شبوة إلى ميناء الزيت بمديرية البريقة بمحافظة عدن من التاج الجديد "ساحب السفن" التابع للميناء، قائلاً إن لا تأثير له عملياً لوجود بدائل كثيرة، لكنه أكد في الوقت ذاته على أنه عمل غير مقبول من حيث المبدأ.
وكان اللواء أحمد سعيد بن بريك “القائم بأعمال رئيس المجلس رئيس اللجنة العليا للإدارة الذاتية للجنوب” قد وجه في مذكرة حصل "أوام أونلاين" على نسخة منها، تشكيلاتهم المسلحة في ميناء الزيت وخفر السواحل، بمنع تمكين السفن التي تنقل نفط شبوة من استخدام التاج الخاص بالميناء، الذي دشنه رئيس الحكومة السابق، د. أحمد عبيد بن دغر، في 12 أكتوبر 2017، ويعمل بقدرة تشغيلية تصل إلى 5200 حصان، ويُمكن الاعتماد عليه سواء في ميناء الزيت أو المنطقة الحرة أو ميناء المعلا.
والتاج هو عبارة عن قاطرة بحرية أو زورق السحب ((Tug Boat قارب قوي صغير يستخدم لتحريك السفن الكبيرة، ويسمى أيضًا الساحب. تَعمل زوارق السحب في البحار والموانئ وتتحرك بطاقة البخار، أو الديزل أو محركات الديزل ـ الكهربائية. وتستطيع زوارق السحب المستخدمة في الموانئ سحب سفن المحيط الكبرى أو سفن الشحن كما تُساعدُ جميع أنواع السفن الداخلة أو المغادرة لأماكن الرسو. وتستطيع السَّحْب من الأمام أو من الجانب أو الدفع من الخلف.
لا قلق ولدينا بدائل
وقال المصدر الحكومي الذي فضّل عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح، إن هذا القرار يُعتبر امتداداً للخطوات الانقلابية التي اتخذها المجلس منذ إعلانه في 25 أبريل الماضي، حالة الطوارئ في عدن وما أسماه "الإدارة الذاتية" في الجنوب، في استمرار لانقلابه السابق في أغسطس الماضي.
وأضاف "هو مجرد حبر على ورق والحكومة ليست قلقة من هذه الخطوة وتراها رسالة ضغط عليها مثل بقية الخطوات لتقبل بتغيير آلية تنفيذ اتفاق الرياض، بحيث يتم تنفيذ الشق السياسي من تعيين محافظ ومدير أمن لعدن وتشكيل الحكومة كما يريد المجلس قبل تنفيذ التزاماته في الشق العسكري والأمني".
ووقع الطرفان الاتفاق في ديسمبر الماضي بوساطة الرياض وحُددت فترة تنفيذه بثلاثة أشهر لكن لم يتم تنفيذه لتنصل الانتقالي وتهربه من التزاماته.
ورداً على سؤال عمّا إذا نفذ المجلس قراره حين يأتي موعد إرسال شحنة النفط إلى ميناء الزيت، أجاب المصدر "حتى مجيء ذلك اليوم، لكل حادث حديث، ولن نقبل بشرعنة هذه الخطوة كما غيرها، وبشكل عام لدى الحكومة بدائل متاحة منها استقدام أو شراء أو استئجار ساحب من الخارج وتصديره عبر ميناء النشيمة، ولكن طالما أسعار النفط في تراجع عالمياً هذه الفترة، فالبيع بالداخل أفضل وأنسب مع التزامنا بالعقود والاتفاقات مع الدول التي نبيع لها خاصة في آسيا".
من جانبه، قال مصدر بالسلطة المحلية في شبوة، إن إنتاج المحافظة اليومي من النفط 12 ألف برميل، مشيراً في تصريحات لـ"أوام أونلاين" إلى أن كل شحنة يتم إرسالها إلى عدن تبلغ 600 ألف برميل ويتم تجميعها كل 50 يوماً تقريباً.
رغبة بالانتقام من الهزيمة
وفي تعليقه على قرار الانتقالي، قال الكاتب والمحلل السياسي، شفيع العبد، إن "الإمارات (الداعمة للانتقالي) لم تنس هزيمة مشروعها في شبوة (في إشارة لإفشال انقلابها المسلح عبر قوات النخبة في أغسطس الماضي) وتعمل عبر أدواتها على خلق حالة من الإرباك هنا أو هناك وسرعان ما تتعامل معها الأجهزة الأمنية بفاعلية".
وضرب العبد وهو من أبناء شبوة أمثلة على محاولات التخريب بـ"تفجير أنبوب نقل النفط أكثر من مرة أو مهاجمة نقاط أمنية، غير الحرب الإعلامية التي تشنها عبر وسائلها وذبابها الالكتروني"، مؤكداً في تصريحات لـ"أوام أونلاين" إن "ما صدر من توجيه بائس بشأن منع إرسال ساحب السفن إلى شبوة، لا يساوي الحبر الذي كتب به، ولن تعدم سلطة شبوة إيجاد البديل لذلك".
وأضاف "القرار رغم بؤسه إلا أن له ايجابية تتمثل في كشف حقيقة نظر هؤلاء لشبوة وأهلها وطريقة تعاملهم معها ومع أبنائها. فهم يريدون شبوة مجرد تابعة لهم لا دور لها ولا مشاركة في صياغة مستقبلها ومستقبل البلد ولا حق لها في إدارة ذاتها إلا عبرهم وعبر أكذوبة مشروعهم".
وكانت تنتج شبوة من قطاعاتها الثلاثة (عسيلان والعقلة وعياذ) ما يقارب خمسين ألف برميل يومياً، قبل الحرب، ويمثل حقل العقلة النفطي ثاني أكبر حقول النفط بالبلاد إضافة إلى امتلاكها منفذا بحرياً يمتد لأكثر من ثلاثمئة كيلومتر.
بداية الإنتاج والتصدير وخطط المشاريع
ولم تستأنف المحافظة تصدير النفط إلا في يوليو 2018، على الرغم من تحريرها من الحوثيين في ديسمبر 2017، بسبب عرقلة الإمارات عملية التصدير، بينما استأنفت الحكومة إنتاج النفط وتصديره من حقول المسيلة في حضرموت بشهر أغسطس 2016، بحوالي 33 ألف برميل يومياً. أما شركة "صافر" الحكومية ومقرها مأرب، فلم تبدأ بتصدير النفط الا في منتصف أكتوبر الماضي، عبر ميناء النشيمة في شبوة.
وكانت تخطط وزارة النفط والمعادن، بداية العام الجاري إلى تنفيذ مشاريع بديلة لتصدير النفط الخام، وذلك في ظل سيطرة الإمارات على مختلف مواقع إنتاج وتصدير النفط والغاز وموانئ التصدير الاستراتيجية، ما يحرم الحكومة من تدبير موارد مالية ذاتية.
وبحسب الوزارة، تتضمن تلك المشاريع إنشاء أنبوب لنقل النفط الخام بطول 82 كيلومترا، لربط قطاعات الإنتاج بميناء "النشيمة" النفطي على ساحل بحر العرب في منطقة رضوم بشبوة. وكان مخططاً أن ينقل 57 ألف برميل نفط يومياً قابلة للزيادة، وسيوفر دخلا يوميا للدولة يصل إلى حوالي 3.6 ملايين دولار، لكن ما قام به الانتقالي بعدن وعدم استقرار الحكومة في الداخل حال دون تحقيق ذلك.
ومن ضمن المشاريع التي يعمل عليها محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، مشروع تأهيل ميناء النشيمة، كبديل لأنبوب التصدير صافر - رأس عيسى، والذي يصعب استخدامه لقيام الحوثيين بتفريغه من النفط وجعله عرضة للصدأ، إضافة إلى عدم جاهزية ميناء بلحاف الاستراتيجي في المحافظة الخاضع لسيطرة الإمارات في المقابل.
وفي 23 فبراير الماضي، دشن المحافظ، العمل في مشروع منشأة النشيمة للخزن الاستراتيجي للمشتقات النفطية والمرسى البحري العائم بمنطقة النشيمة بمديرية رضوم شرقي المحافظة، وهو المشروع الذي "سيفيد شبوة بصورة مباشرة ويؤمن احتياجات المحافظة والمحافظات المجاورة من المشتقات النفطية حيث تبلغ سعته التخزينية 30 ألف طن متري بالإضافة إلى مرسى عائم يمتد ثلاثة ألف متر في عرض البحر".
ويقدّر خبراء اقتصاد خسائر اليمن جراء توقف تصدير النفط والغاز وتعطيل الموانئ والمطارات، بما يزيد عن خمسة مليارات دولار، كان من الممكن أن تضخ إلى خزينة الدولة خلال الخمس سنوات الماضية.