اتساع دائرة النكف القبلي ضد الحوثيين في البيضاء وهذه أبرز السيناريوهات المتوقعة

أوام أونلاين – خاص:

اتسعت دائرة الغضب القبلي بمحافظة البيضاء ضد مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران على خلفية قيامها بقتل امرأة داخل منزلها ونهب الممتلكات واختطاف عدد من الأقارب قبل حوالي أسبوع، الأمر الذي دفع قبائل المحافظة للوقوف مع أولياء الدم حتى إنصافهم.

شرارة الغضب القبلي

في الـ27 من الشهر الماضي، شنت مليشيات الحوثي حملة عسكرية قوامها عشرات المسلحين والدوريات العسكرية بحثا عن حسين محمد الأصبحي بمديرية الطفة، وعندما وصلت إلى منزله حاصرته ودخل المسلحون ولم يجدوا غير زوجته "جهاد الأصبحي" وابنها البالغ من العمر 14 عاما، فأطلقوا النار عليها على الفور وأردوها قتيلة، ونهبوا كل محتويات المنزل واختطفوا عددا من أبناء القبيلة، وغادروا المكان.

بعدها بدأ أولياء الدم بالتحرك ومطالبة قيادات الحوثي في المحافظة تسليم الذين قاموا بالجريمة والمشرفين عليهم وتقديمهم إلى القضاء بالتزامن مع استنفارهم قبلياً لمساعدتهم على الأخذ بثأرهم.

ولمّا لم تستجب قيادة الحوثي في المحافظة، ذهب أحد مشائخ آل الأصبحي وهو الشيخ الخضر عبدالرب إلى صنعاء للقاء قيادات الحوثي حاملاً معه مطالب أولياء الدم وهي بحسب ما ذكره في فيديو نُشر له، "تسليم الجناة الذين قتلوا جهاد أحمد الأصبحي في بيتها إلى العدالة، وإطلاق سراح المختطفين عقب الجريمة وعددهم ثمانية أشخاص.

وتتضمن المطالب إعادة كافة المنهوبات من منزل القتيلة، وإطلاق سراح وكيل المحافظة الشيخ "صالح الخضر الأصبحي"، الذي اختطفه الحوثيون ورد اعتباره، وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ومحاسبة المتورطين في الجريمة من المشرفين الحوثيين في المحافظة.

ولكن هذه المطالب رُفضت من قبل الحوثيين بصنعاء، ليعود الأصبحي إلى البيضاء ويتجه إلى الشيخ ياسر العواضي، شيخ آل عواض ويطلب منه الوقوف معه وهو ما وافق عليه العواضي وأعلن عبر حسابه على تويتر وعبر الوسطاء مهلة مدتها ثلاثة أيام بدأت يوم 29 أبريل وانتهت السبت الثاني من مايو الجاري، لكن الحوثيين لم يستجيبوا للمطالب.

وأمام الرفض الحوثي المصحوب بالتهديد والتحشيد العسكري، دعا العواضي إلى النكف القبلي واستجابت له العديد من قبائل المحافظة تباعاً وما تزال ومنها قبائل آل حميقان وآل عزان وقبائل من قيفه وغيرها من القبائل التي لا تزال تعلن مواقفها منذ يوم الإعلان، وكلها تؤكد وقوفها مع آل الأصبحي ومن لجأوا إليه.

ويوم أمس الأحد، أعلن الشيخ العواضي عبر حسابه على موقع تويتر، أن سلطنة عمان طلبت من قبائل البيضاء إعطاء مهلة إضافية، وقال: "احتراما للأشقاء في السلطنة، تشاورت مع أولياء الدم ومشايخ الذمر وقررنا اعطائهم المهلة التي طلبوها واليد على الزناد" في إشارة للاستعداد للقتال إذا لم يخضعوا للمطالب.

وبحسب مصادر موقع "أوام أونلاين" تنتهي المهلة اليوم الاثنين الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، ولا يبدو أن هناك أي تقدم في هذا الجانب مع التحشيد المتبادل على الأرض.

ويقود المساعي في مسقط القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام أبو بكر القربي وهو مقيم هناك ومن أبناء المحافظة بالإضافة إلى قيادات مؤتمرية أخرى.

دلالات تلبية النكف

يرى فيصل العواضي، مستشار وزير الإعلام، أن "تضامن قبائل البيضاء وتلبيتهم لداعي النكف له عدة أبعاد ودلالات أولها أن رجال البيضاء معروفين بالنخوة والشهامة ولن يقبلوا ما حصل والشيء الثاني أن دعوة النكف جاءت من شخصية محورية ممكن يجتمع الناس حولها وبذا وجدت القيادة التي انطلقت من عمق مشاعر الناس وعبرت عن مكنون الإنسان البيضاني".

بدوره، يؤكد المحامي حسين المشدلي، أن قبائل المحافظة لبت النكف القبلي منذ اليوم الأول ولا تزال تتوالى المواقف بدءاً بآل عواض مروراً بآل حميقان وقبائل آل عزان والعديد من قبائل قيفه وهذه القبائل أكدت أنها سوف تستهدف مليشيات الحوثي ما لم ترضخ لمطالب أولياء الدم، وأنها عازمة على تحقيق هذا الهدف.

من جهته، يؤكد أحمد الحطام القيفي، وكيل المحافظة، أن معظم قبائل المحافظة إن لم يكن أغلبها متذمرة قبلياً وليس سياسياً وهي لبت النكف القبلي الذي أعلنه العواضي والذي سجل موقفاً مشرفاً، على حد وصفه.

هل يستجيب الحوثي؟

وحول التوقعات القادمة، أوضح العواضي في تصريحات لـ"أوام أونلاين" أن "الحوثي لن يقبل بوساطة ترغمه على إنصاف أهل الحق لأنه يرى أننا كيمنيين لا قيمة لنا ولا نستحق الإنصاف والسبب الآخر هو إدراكه أن تقديم أي تنازل سيكون سابقة تشجع بقية القبائل والمناطق على حذوا قبائل الأصبحي والمؤيدين لهم".

ويتفق معه المحامي المشدلي الذي يشغل منصب نائب رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، الذي يقول في تصريحات لـ"أوام أونلاين" إن "استجابة الحوثي غير واردة حيث انتهت مهلة الأيام الثلاثة دون تحقيق أي شيء، وقد تنتهي مهلة اليوم التي تنتهي الساعة العاشرة مساء إلى نفس الفشل، في ظل عدم وجود أي جدية من قبل الحوثيين لتلبية المطالب التي يرون في تنفيذها إزاحتهم ونقلهم من البيضاء ومن ثم انتقال العدوى وكسر شوكتهم في باقي المحافظات".

ويشاطرهم هذا الرأي القيفي الذي يؤكد في تصريحات لـ"أوام أونلاين" أن الحوثي يراوغ لكسب الوقت لا أكثر ولن يقبل تنفيذ المطالب حتى لا يشجع الآخرين على تكرار نفس السيناريو.

سيناريو الحرب المرجح

وفي ظل اتفاق المتحدثين سيناريو قبول الحوثيين تنفيذ المطالب، تذهب ترجيحاتهم إلى الخيار الآخر وهو التصعيد العسكري، حيث يتوقع مستشار وزير الإعلام أن يلجأ "الحوثي لاستخدام القوة المفرطة لكن من يعرف رجال البيضاء لن يرهبه الحوثي".

ويضيف "مواجهات أبناء البيضاء مع الائمة منذ ايام الدولة الطاهرية التي كان مقرها البيضاء المحافظة لكن الموقف الذي خلده التاريخ هو موقف رجال البيضاء بقيادة الشيخ أحمد عبدربه العواضي عندما فكوا الحصار عن صنعاء وإسقاط حلم الإمامة بالعودة إلى الحكم واليوم نتطلع إلى سقوط مشروع الإمامة الجديد وزواله على يد رجال البيضاء وبقيادة الشيخ ياسر العواضي الذي كان والده من أبطال فك حصار السبعين إلى جانب الشيخ أحمد عبدربه العواضي والتاريخ سنن ممكن أن تتكرر".

وفي هذا السياق، يؤكد المشدلي، أن "سيناريو الحرب هو الأكثر ترجيحا في هذا الوقت وأن التحام القبائل مع أفراد الجيش هو الأقرب للحدوث وإذا ما التحمت القبائل والجيش في الجبهات الخمس المشتعلة منذ ست سنوات أتوقع أن أيام الحوثيين أصبحت معدودة في المحافظة إذا كان هناك جدية من قبل التحالف والحكومة وقيادة الجيش في دعمهم".

ويذهب في هذا الاتجاه، وكيل المحافظة أحمد الحطام الذي يقول إن الأمور وصلت إلى نقطة نكون أو لا نكون، مشيراً إلى أن الحوثيين يتحينون الفرصة لشن هجوم مباغت على العواضي داعياً إياه إلى أن "يشد نفسه مع قبائل المحافظة أو توقع أسوأ السيناريوهات".

ولدى سؤال المحامي المشدلي عما يعنيه تحرير البيضاء في معادلة الحرب، أجاب "يكفي الاطلالة البسيطة على خارطة المحافظة لمعرفة الأهمية التي تكتسبها فهي مرتبطة بثمان محافظات من ضمنها صنعاء ومرتبطة بخمسة أقاليم من ستة معلن عنها بموجب مخرجات الحوار الوطني وتمثل المحافظة قلب اليمن وأبناء المحافظة هم الأكثر زخم ولديهم إرث تاريخي في مسألة مقاومة الإمامة والتصدي للحكم الكهنوتي".