أوام أونلاين – خاص:
أكد الدكتور عبدربه مفتاح، وكيل محافظة مأرب، أن السلطة المحلية ستبدأ بإنشاء مخيمات مستدامة للنازحين تتناسب مع مناخ المحافظة، داعياً الحكومة والمنظمات الدولية للقيام بمسؤولياتها ودعم السلطة المحلية التي تتحمل عبء أكبر عدد من النازحين في الجمهورية.
وفي حوار مع موقع "أوام أونلاين" قدّم مفتاح بشرى سارة للمواطنين بالمحافظة بتحسين خدمة الكهرباء لتغطية احتياجاتهم في الصيف وذلك بإدخال 20 ميجاوات للطاقة الحالية من خلال تشغيل جزئي للمحطة الغازية في الأيام العشرة الأولى من الشهر الفضيل.
وتطرق وكيل محافظة مأرب في الحوار إلى قضايا كثيرة مهمة حول الغاز المنزلي والمحطة الغازية ودور الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وغيرها، مع تسليط الضوء على ما تقوم به مليشيات الحوثي تجاه المحافظة والدور الذي يُفترض أن يضطلع به الشعب اليمني من أجل استعادة دولته وحريته الكاملة.
إلى تفاصيل الحوار:
حصلت في المحافظة في الأيام الأخيرة كارثة السيول والأمطار الغزيرة المصحوبة بالرياح الشديدة والتي خلفت خسائر بين النازحين بشكل كبير، ونريد هنا أن تشرح لنا كيف تعاملتم معها؟
تعاملت السلطة المحلية مع الوضع باستنفار كبير على كافة المستويات، وخلال ساعات قليلة تمكنا من إجلاء العالقين في المخيمات أو منازلهم التي وصلتها السيول والتي كانت قريبة من مجاريها ووجه المحافظ الوحدة التنفيذية باستضافة المتضررين في فنادق المحافظة على نفقة السلطة المحلية.
نحن الآن في مرحلة التدخل الطارئ والتي تتمثل بتوفير سكن مؤقت لهؤلاء المتضررين وقد نجحنا بذلك مع توفير احتياجاتهم من الغذاء والمستلزمات الأخرى بالتعاون مع الجمعيات المحلية مثل جمعية الإصلاح ومؤسسة استجابة وائتلاف الخير وخارجيا كان دعم من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية.
ما الخطوة القادمة؟
شكلنا لجنة من الوحدة التنفيذية للنازحين مهمتها حصر الأضرار التي لحقت بالمخيمات والمنازل من أجل إعادة تأهيل ما تضرر منها وإنشاء خيام جديدة تتناسب مع مناخ المحافظة لحمايتها من الرياح ومنع الحرائق وأن يكون حجمها مناسبا لحجم الأسرة وهي عبارة عن مخيمات مستدامة.
المحافظ وجه بصرف مبلغ مائة وخمسين مليون ريال يمني دعما لهذا الجانب ونأمل مساهمة جهات محلية وخارجية في تنفيذ مشروع المخيمات المستدامة.
هناك من يسأل لماذا لم تمنع السلطة المحلية النازحين من السكن قرب مجاري السيول؟
يجب أن يعرف الجميع أننا في السلطة المحلية سعينا منذ البداية على منع ذلك وقمنا بوضع علامات تنبّه الناس من خطورة السكن هناك سواء في المخيمات أو المنازل ولكن للأسف البعض لم يكترث وأصر على السكن بالخيام وبعضهم بنى منازل وعندما كنا نتدخل عبر الأمن ونزيل ما يتم وضعه يعودون للبناء ليلاً وبعضهم واجه الأمن بالرصاص.
لقد كنا مرنين للغاية في تعاملنا معهم انطلاقا من أنهم نازحين يبحثون عن الأمن والاستقرار لحين تحرير محافظاتهم وهذا البعد الإنساني هو الذي منعنا من التعامل بصرامة مع الناس.
ومع نريد أن نذكره هنا هو أننا نمتلك قاعدة بيانات متكاملة لجميع النازحين وهي موجودة لدى الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب وبعض المنظمات التي لديها مكاتب في المحافظة.
كيف تقيّمون دور المنظمات الدولية ومنها الأممية؟
دورها دون المستوى ولا يرتقي لحجم النازحين واحتياجاتهم وللأسف حتى ما يقدمونه متدني الجودة مثل الخيام التي تلفت مع المطر والرياح وقد أبلغناهم عدة مرات أن هذه الخيام لا تناسب ظروف المحافظة المناخية.
ما هو تفسيركم لهذا التدخل الضعيف؟
المنظمات التي معها فروع لدينا لا تزال مكاتبها الرئيسية في صنعاء، وهي مصرة على أن تبقى هناك، مع أنها لا تستطيع أن تتعامل مع محافظات الشرعية إلا بعد أخذ موافقة "الأمن القومي" التابع للحوثيين والذي يراقب كل صغيرة وكبيرة.
إذا لم يوجد في مأرب مركز إنساني متقدم لهذه المنظمات، فسيظل دورها ضعيفاً ونحن بالمناسبة لا نريد منها مساعدات محدودة ومؤقتة وإنما مشاريع مستدامة تخدم النازحين والمواطنين جميعاً لمواجهة الظروف الصعبة.
كيف تتعاملون كسلطة محلية مع موجة النزوح المستمرة؟
الحقيقة أن عملية النزوح لم تتوقف منذ انقلاب مليشيات الحوثي على السلطة الشرعية، التي تهجر الناس وتؤذيهم فيضطرون للنزوح بحثا عن الأمان ويتجهون نحو مأرب وهناك من ينزح بسبب الحرب كما حصل في نهم والجوف وهذا يشكل ضغطاً كبيراً علينا ومع ذلك نحاول أن نتعامل مع هذا الوضع بكل مسؤولية بما يحقق لهؤلاء الناس احتياجاتهم.
هذا العدد الكبير من النازحين الذين يتوزعون على المخيمات والمنازل لمن كان قادرا على دفع الإيجارات فرض علينا توسيع الخدمات الأساسية لتتناسب مع حجم السكان الحاليين بالمحافظة والذين يقاربون ثلاثة ملايين شخص.
دعني أشرح ذلك ونبدأ من التعليم حيث كان يتعين علينا استيعاب الطلاب القادمين ولم يكن بمقدورنا لقلة عدد المدارس ولكننا قمنا بفتح النظام المسائي وتوسيع عدد من المدارس بفصول جديدة بالتعاون مع بعض المنظمات بالإضافة إلى قيام مستثمرين بإنشاء مدارس خاصة ومع ذلك لا يزال هناك عجز بسبب النزوح المستمر.
وعلى مستوى التعليم الجامعي كان لا بدّ من تمكين الطلاب الجامعيين من مواصلة تعليمهم واستوعبناهم من خلال جامعة إقليم سبأ التي عملنا على توسعتها باستمرار حيث كان عدد طلابها في 2016 لا يتعدون 480 طالباً وطالبة واليوم يتجاوزن عشرة آلاف طالب وطالبة.
وفي مجال توفير الأمن، لقد قمنا بتوسيع أقسام الشرطة والتواجد الأمني لمختلف الأجهزة الأمنية بما يضمن توفير الأمن لكل الناس وفي كل مكان، وضمان عدم وقوع الجرائم وهذا كله يكلفنا مليارات الريالات. نحن نفتخر بوجود أجهزة أمنية محترفة على درجة عالية أثبتت نجاحها في تحقيق الأمن والاستقرار وجعل مأرب واحة مستقرة رغم كل محاولات مليشيات الحوثي زرع خلايا للتخريب وإقلاق الوضع والانتقام وكل هذه المحاولات نفشلها في مهدها وأقول هذا بكل ثقة ويدرك هذا كل من يعيش في مأرب التي ستظل عصية على الحوثيين ولن يستطيعوا أن ينالوا منها بفضل أبنائها وكل أحرار اليمن الموجودين فيها والجيش الوطني.
وفي خدمة الكهرباء تم توصيلها لجميع النازحين مجاناً وهذا يكلفنا مبالغ كبيرة لأننا نضطر لزيادة الخدمة لمواكبة النمو السكاني. هل تعرف أنه في 2013 كانت الكهرباء لا تتجاوز 7 ميجاوات واليوم وصلنا إلى 99 ميجاوات وهذه الزيادة من أجل نغطي احتياج الناس.
وفي هذا السياق، أود أن أزف بشرى للمواطنين بمناسبة شهر رمضان المبارك ودخولنا فصل الصيف بأننا سنبدأ خلال العشرة الأيام الأولى من رمضان بتشغيل جزئي للمحطة الغازية لتوفير 20 ميجاوات للطاقة الحالية من أجل تحسين وتوسيع الخدمة وفي نفس الوقت توفير مادة الديزل التي نخسر عليها مقابل الطاقة المشتراه من أجل تغطية احتياجات المديريات من الكهرباء.
في مجال النظافة والتحسين كان لدينا قبل 2015 30 موظفا في صندوق النظافة واليوم وبعد زيادة عدد السكان اضطرينا لرفع العدد لما يقارب 600 عامل يعملون على ثلاث فترات لضمان توفير بيئة نظيفة تحمي الناس من الأمراض.
في مجال خدمات الغاز والمشتقات النفطية، في السابق كان يكفي المحافظة مع الجوف قاطرة أو اثنتين من الغاز، أما اليوم فحصة مركز المحافظة فقط ثلاث قاطرات، وهذه الخدمة تقدم بسعر رخيص جدا وفي حال وجدت محاولات استغلال نحاربها، ونفس الأمر بالنسبة للبترول حيث نبيع الدبة سعة 20 لتر ب3500 وهذا سعر ثابت لا يوجد إلا في مأرب.
المياه كان معنا خزان واحد واليوم لدينا سبعة خزانات ومؤسسة المياه تعمل باستمرار على القيام بواجبها على أكمل وجه.
عندما نتحدث بهذا الكلام فليس منّه ولا فضل، ولسنا ممن يفعلون ذلك، ولكن نحاول أن نذّكر بالعبء الذي يقع على عاتقنا وكيف أن الحكومة لم تعط مأرب حقها اليوم وهو نفس وضعها في الماضي، رغم أن الذين قدموا للمحافظة هم من مختلف المحافظات، وكذلك المنظمات التي تتحدث عن دعم السلطات المحلية والنازحين دورها ضعيف عندنا ونطالبها بالقيام بدورها كما يجب.
لولا دعم السلطة المحلية للوحدة التنفيذية للنازحين بالمحافظة لما وجدت نفقات تشغيلية مع أنها جهة تابعة للحكومة مباشرة وليس للسلطة المحلية، ونستغرب أنه لم يتم دعمها بالشكل المطلوب عندما تم تشكيل وحدات النازحين كي تتمكن من القيام بواجبها تجاه النازحين في المحافظة وهم الأكبر من أي محافظة أخرى.
على ذكر الغاز المنزلي في ثنايا ردكم السابق، هناك من تساءل عقب زيارة المبعوث الأممي إلى المحافظة لماذا لم يضغط على الحوثيين لمنع استغلالهم هذه السلعة وبيعها بأرباح مضاعفة، كيف تنظرون لهذه المسألة من جانبكم؟
أولاً دعني أعلّق على موقف الأمم المتحدة وأقول بكل أسف إنها لا تقوم بدورها وهي ترى الحوثيين يتحكمون بسلعة حيوية مثل الغاز ويعذّبون ملايين اليمنيين برفع سعرها بشكل كبير جداً والتحكم في توزيعها لمن يريدون ويستخدمونها ورقة لكسب الولاءات، كل هذا لم يحرك ساكنا لدى الأمم المتحدة رغم أنها تقوّم الدنيا في أمور صغيرة عندما تأتي من طرف آخر.
ثانياً مأرب تزود جميع المحافظات دون استثناء بالغاز المنزلي يوميا وهذه ثروة اليمنيين ويجب أن يستفيدوا منها وتوصل لهم في كل مكان، وبالطبع نحن نعرف أن الحوثيين يستغلون الغاز للتربح وتعذيب الناس والتحكم بهم من خلال هذه المادة التي يحتاجها كل بيت يمني.
للأسف البعض يقول لماذا لا تقطعوا الغاز عن مناطق سيطرة الحوثيين وتحرموهم الأموال التي يجنونها منها، ولكننا نقول بأننا نقدم الغاز للشعب اليمني ولا يمكن لنا حرمناه لأننا ببساطة دولة مع قدرتنا على قطع الغاز عن مناطق الانقلابيين ولكن المتضرر سيكون الشعب، وإذا كان الحوثيون يربحون بعد الإسطوانة ما يفوق 4 أو 6 آلاف ريال وهم يشترونها من مأرب بسعر رخيص لا يتجاوز 2200 ريال (منذ أواخر 2019 حيث كانت قبل ذلك تُباع بـ1200 ريال) فكيف سيكون الحال لو استوردوها من الخارج وبكم سيبيعونها؟
بالتأكيد نحن لا نريد أن يربح الحوثي حتى ريالا واحدا ولكن الأمر ليس بيدنا لأن خيار قطع تزويد السكان الواقعين تحت سيطرته يضرهم أكثر منه ولذلك لا يمكن لنا أن نحرمهم من هذه الخدمة، وكل ما نتمناه هو أن يقاوم الشعب كله الانقلابيين ويدرك أن التضحية تعني الجميع وليس البعض وهذا هو السبيل الوحيد للعيش بحرية وكرامة وحقوق محفوظة في ظل دولة للجميع.
وطالما قد تحدثنا عن استمرار توفير الغاز لكافة المحافظات، فلا بدّ أن نذكر خدمة الكهرباء من المحطة الغازية والتي كان بالإمكان أن تستمر كما كانت قبل الحرب وتصل لصنعاء لولا الحوثيين الذين قصفوا الأبراج واستهدفوا الفرق الهندسية التي حاولت إصلاحها ورفضوا كل المحاولات التي طُرحت من هنا وهناك رغم أننا كنا ولا نزال مستعدين لأن تعود الكهرباء لحيث كانت قبل الحرب.
نحن نقول للشعب اليمني أن الحوثيين لو بمقدورهم حرمانهم من الهواء لفعلوا دون تردد كما حرموه من أبسط الخدمات وعلى الجميع أن يدرك مسؤوليته وأنه معني بالتضحية من أجل كرامته ومواجهة هذه المليشيات التي تريد إعادة اليمنيين لحكم الإمامة التي قضت عليه ثورة 26 سبتمبر المجيدة وتقبيل ركبهم واستعبادهم ولكننا على ثقة بأن هذه النبتة الخبيثة التي دمرت كل شيء إلى زوال وسيكنسها أبناء الشعب إلى مزبلة التاريخ.