اعتبر محللون يمنيون إعلان الحكومة الإيرانية وصول سفيرها إلى العاصمة صنعاء، استمرار لدعمها للحوثيين الذين يمثلون ذراعها المحلي في شبه الجزيرة العربية وتأكيد جديد على عمق العلاقة بين الطرفين.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، أعلن أمس السبت، وصول سفيرهم الجديد إلى العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون المرتبطون بطهران، في استمرار للدعم الإيراني متعدد الأوجه لحلفائهم المحليين.
ونقلت وكالة "أنباء فارس" الإيرانية عن زادة أن سفيرهم حسن ايرلو "فوق العادة ومطلق الصلاحية حسن ايرلو قد وصل الى صنعاء"، ولم يحدد المسؤول الإيراني تاريخ وصوله.
لكن مصارد متعددة قالت إن ايرلو وصل يوم الأربعاء الماضي إلى مطار صنعاء الدولي قادما من مسقط على متن طائرة عمانية؛ برفقة القيادي في جماعة الحوثي عبدالملك العجري.
وذكرت مصادر أخرى أن السفير وصل برفقة خبراء آخرين في الحرس الثوري الإيراني ضمن ضمن 240 شخصًا أعلن المتحدث باسم الحوثيين عن عودتهم إلى البلاد على اعتبار أنهم مرضى وجرحى، في صفقة مع واشنطن للإفراج عن رهائن أمريكيين دعمتها السعودية.
تجذير دور إيران التخريبي
وتعليقاً على الخطوة الإيرانية، قال إبراهيم جلال، الباحث في مجال الاستراتيجية والدبلوماسية، إن "وصول سفير إيران للحوثيين بعد أكثر عام من إرسال الديلمي كسفير للجماعة في طهران في أغسطس ٢٠١٩، شهر الإنقلاب الآخر في عدن، يجعل إيران الدولة الوحيدة التي كسرت القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية وقرارات مجلس الأمن ومرجعيات السلام في هذا الصدد".
وأضاف في تغريدات عبر حسابه على موقع تويتر "تؤكد طهران بقدرتها على إيصال مبعوثها المقيم إلى صنعاء على عمق وتجذر دورها التخريبي في اليمن وحجم الدعم الإستخباراتي، والعسكري، واللوجستي الذي قدمته وتقدمه للحوثيين، معمقة بذلك العلاقة التي تأسست قبل أكثر من عقدين (على خلاف ما تروج له بعض أجهزة الإستخبارات الأجنبية بوسائل عدة)".
وتابع الباحث اليمني "من المرجح أن سفير طهران للحوثيين قد دخل عن طريق دولة ثالثة، يعتبرها البعض بوابة الجماعة للعالم الخارجي ومحطة علاج لكثير من جرحى الحرب...، وبعلم فاعلين في ملفي الحرب والسلم. يمكن لهذا التنسيق أن يعتمد على غطاء ملف تديره أطراف خارجية، وبإستخدام وثائق مزورة وبروتوكلات خاصة وسرية".
وأكد أن "هذا الإجراء الإيراني يضع إدعاءات بعض البعثات الدبلوماسية الغربية والباحثين الأجانب عن إمكانية تحجيم العلاقة الإيرانية-الحوثية في موضع شك، فهو تارة يعبر عن عمق الدور الإيراني، وتارة عن عمق العلاقة الإستراتيجية في الوقت الذي يسعى فيه البعض لإثبات عكس ذلك للدفع بإتفاق شكلي هش".
من جانبه، قال الكاتب والمحامي حسين المشدلي، إن " وجود #حاكم_عسكري_ايراني_لصنعاء تحت مسمى سفير دليل لايقبل بعده الجدل على تبعية جماعة الحوثي لإيران سياسيا وعسكريا وعقائديا"، مضيفاً في تغريدته عبر تويتر أن "أي محاولة لإنكار حقيقة إدارة إيران للحرب بعد كشفها القناع عن وجهها بارسال وحيد القرن، ينطبق عليها القول: وليس يصح في الاذهان شيءً اذا احتاج النهار الى دليل".
تنديد رسمي
وعلى المستوى الرسمي، قال وزير الإعلام معمر الإرياني، إن إعلان الحكومة الإيرانية وصول سفيرها إلى العاصمة صنعاء، "يكشف معالم المرحلة القادمة، وامتداد للعدوان الايراني الذي يواصل قتل اليمنيين والتنكيل بهم منذ خمسة اعوام، والتآمر على أمن واستقرار المنطقة، وتهديد المصالح الدولية".
وأضاف وزير الإعلام في أول موقف رسمي للحكومة اليمنية إن "المعلومات المتوفرة تؤكد أن المدعو حسن ايرلو هو مرشد ديني كبير وقائد التدريبات على الاسلحة المضادة للطائرات في العام 1999، ومسئول عن تدريب عدد من النشطاء الارهابيين والعناصر التابعة لحزب الله اللبناني في معسكر يهونار الواقع في مدينة خرج شمالي طهران".
وتابع في تغريدات عبر حسابه على موقع تويتر أن "إعلان نظام الملالي في ايران تعيين سفير جديد لدى مليشيا الحوثي لن يضيف جديدا يذكر في العلاقة بين الطرفين أو مجريات المعركة، سوى التأكيد الايراني على المسئولية والرعاية الكاملة للانقلاب الحوثي والوصاية على قرار المليشيا السياسي والعسكري وانتداب".
صفقة بين واشنطن وطهران
من جانبها، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن عودة الجرحى الحوثيين الى صنعاء جاء في إطار صفقة أبرمتها واشنطن مع الحوثيين لاطلاق سراح رهينتين أمريكيتين، بالإضافة إلى جثة رهينة ثالثة توفيت لدى الحوثيين.
وتقول مصادر إن ايرلو خبير عسكري وساهم في تدريب عناصر بحزب الله على الأسلحة المضادة للطيران في العام 1999، وذلك بحسب اعترافات أسرى تابعين للحزب نفسه.
وتشير مصادر إلى أن السفير والذي هو خبير عسكري سيعمل تحت إدارة القائد في الحرس الثوري ومسؤول ملف دعم الحوثيين في اليمن عبدالرضا شهلائي والذي سبق أن حاولت واشنطن استهدافه بغارة جوية بالتزامن مع اغتيال قائد الفيلق قاسم سليماني في العراق مطلع العام الجاري.
وتقول الإدارة الأمريكية إن شهلائي مسؤول آلية تمويل الحرس الثوري الإيراني في اليمن، وسبق أن عرضت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة قدرها 15 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى شهلائي وتعطيل الآليات المالية للحرس الثوري الإيراني.