بكل محبة ووفاء، تذكر اليمنيون بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي توفي الثلاثاء عن عمر تجاوز 91 عاما، وأجمعوا على خلاف عادتهم منذ بدأت الحرب الحالية على موقف موحد منه خلاصته الإشادة والتقدير والاحترام والوفاء والتذكير بما فعله لأجل اليمن.
ووفق الديوان الأميري الكويتي، وافت الأمير المنية في الولايات المتحدة، حيث كان يتلقى العلاج.
وأثمرت قيادة صباح الأحمد الجابر للكويت، منذ يناير 2006، عن خلق دبلوماسية متزنة وعاقلة في المنطقة، طالما سعت للسلام والعمل الإنساني ورأب الصدع في علاقات الدول العربية، أبرزها لعب دور الوساطة في الأزمة الخليجية قبل أكثر من 3 سنوات.
وفي عام 2014، منحت الأمم المتحدة أمير الكويت لقب “قائد للعمل الإنساني”، لجهوده في مجالات العمل الخيري والدعم الإنساني والإغاثة في مختلف أنحاء العالم.
محطات الرجل مع اليمن
وقد غصت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات واتساب والمواقع الإخبارية والقنوات بصور الأمير الراحل وأخباره وسيرته وصنائع جميله لبلدان كثيرة بينها اليمن التي بدأت علاقته بها منذ مطلع ستينات القرن الماضي، حين تعين وزيرا للخارجية ورئيساً للجنة الدائمة لمساعدات الخليج وظل في هذا المنصب لمدة 40 عاماً.
ومن خلال منصبه هذا، قام بإعطاء المُنح المالية دون مقابل، وقد شملت مساعدات اللجنة عدة دول منها اليمن قبل إعادة توحيد شطريه في 22 مايو 1990.
وعندما تدھورت العلاقات حينھا بين اليمنين (الجنوبي والشمالي) قام أمير الكويت الراحل بزيارة إليھما في أكتوبر 1972، إلى عدن، إذ أثمرت جهوده آنذاك عن توقيع اتفاقية سلام بينھما.
وأسفرت جهوده من عام 1980 إلى 1984 عن توقيع سلطنة عمان واليمن الجنوبي اتفاقية خاصة بإعلان المبادئ، لإنهاء حرب إعلامية وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وفي أبريل 2016 استضافت بلاده مباحثات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة وتدخل الأمير بشكل مباشر لضمان نجاحها، لكنها فشلت بسبب رفض الحوثيين التوقيع على الاتفاق بحسب آخر إحاطة للمبعوث الأممي وقتها إسماعيل ولد الشيخ والذي أشرف على المشاورات التي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر.
إجماع يمني في الموقف منه
بعد إعلان الديوان الأميري خبر وفاته، سارعت كافة الأطراف اليمنية إلى نعيه واتفقت بدون اتفاق على الموقف منه وهو موقف إيجابي كامل يشيد فيه وحكنته وقيادته التي خدمت المنطقة ومبادراته الإنسانية ومساهماته الخيرة للبلدان الفقيرة ومنها اليمن.
وقال الرئيس عبدربه منصور هادي-في بيان أوردته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)- "ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – أمير دولة الكويت – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، والذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، بعد حياة حافة بالعطاء والإنجازات في خدمة شعبه وأمته العربية والإسلامية ونصرة قضاياها".
وأكد أن الأمتين العربية والإسلامية فقدت برحيل الشيخ صباح الأحمد زعيمًا عظيمًا من طراز فريد كانت بصماته بارزة فى نهضة الكويت والأمتين العربية والإسلامية، منوهاً بجهوده في تقريب وجهات النظر بين الأشقاء والعمل دائماً على تقوية البنيان العربي وتعزيز تماسكه.
وأشار إلى الأدوار العظيمة للفقيد في دعم اليمن في مختلف المجالات والظروف وخاصة خلال الأزمة الإنسانية الحالية، وجهوده في سبيل تحقيق السلام وإنهاء الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الانقلايبة.
أما البرلماني المعروف علي عشال، فكتب على صفحته على موقع فيس بوك قائلا "وداعاً أمير الحكمة والاتزان والمواقف السياسية الناضجة، كلما تذكرت حرص الأمير الراحل على انجاح محطة المفاوضات اليمنية في الكويت وتذليل كل الصعاب التي تعترض طريقها وتفانيه في اخراج اليمن الى بر السلام والأمن والاستقرار ، شعرت بعِظم وفداحة هذا الرحيل. قائد عظيم لشعب كريم غادر في ظرف دقيق وحساس".
بدوره وصف مستشار الرئيس هادي، عبدالملك المخلافي، أمير الكويت الراحل في تغريدة له بتويتر بأنه كان "شديد الحرص على أن تنجح المحادثات (التي استضافتها بلاده) وأن يعود السلام الى اليمن وبذل أقصى جهد من أجل ذلك وألتقى بالوفدين غير مرة ولا يمكن أن أنسى كلماته وحكمته ولا تألمه عندما فشلت المحادثات، في كل كلمة كان يبدي الحرص على اليمن".
من جهته، قال محمد عبدالسلام الناطق باسم مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران ورئيس وفدها التفاوضي، في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر "في يوم رحيل أمير الكويت لا ننسى موقفه الداعم لمشاورات السلام وكان في كل لقاءٍ معه يفصح عن حبه لليمن، مبديا حرصا على إطفاء نار الحرب، وكان ذلك محل احترام وتقدير الجميع عزاؤنا للشعب الكويتي العزيز ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
من جهته، غرد الصحافي أحمد الحاج، مراسل وكالة أسوشيتد برس الأمريكية في اليمن على حسابه بتويتر قائلاً "آخر القامات الكبيرة، المحترمة، ترجل ورحل"، وتذكر لقاءاته معه مشيراً إلى أنه ألتقاه مرتين كصحفي، في الكويت وعدن أثناء زيارته لها وهو يقوم بوساطة لإيقاف الحرب بين اليمنيين، وفي العام 78م وأجرى معه حوارا لإذاعة عدن، وهو أول حوار له مع مسؤل عربي بهذا المستوى.