خاض الجيش الوطني والمقاومة الشعبية معركة "عسكرية - أمنية" مع مليشيا الحوثي الانقلابية خلال الأعوام الستة الماضية بظهور مكشوفة في ظل بقاء قطاع الاتصالات والانترنت بيد الانقلابيين، وتسخيرهم له في عمليات التجسس والتنصت على مكالمات القيادات العسكرية والسياسية المتواجدة في الداخل ورصد تحركاتهم الميدانية والقيام بعمليات اختراق الكتروني وانتحال لشخصياتهم والوصول إلى حساباتهم الشخصية والأسوأ من ذلك استهدافهم عسكرياً.
وإلى جانب ذلك فقد كان قطاع الاتصالات رافدا كبيرا في المجال الاقتصادي للمليشيا الانقلابية لتمويل حربها ضد قوات الشرعية، حيث قدر خبراء في مجال الاتصالات إجمالي ما جنته جماعة الحوثي خلال 5 سنوات من شركات الاتصالات اليمنية الحكومية والخاصة بـ 305 مليار و316 مليون ريال يمني.
وبالرغم من تشكيل ثلاث حكومات برؤساء مختلفين في السلطة الشرعية منذ انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014 ، إلا أن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات لطفي باشريف ظل الثابت الذي لم يمسه التغيير في مختلف التشكيلات الحكومية، على الرغم من فشله في تحرير قطاع الاتصالات والإنترنت والعمل على تأمين القوات المسلحة وقواعدهم الشعبية في المناطق المحررة بما يرفد خزينة الدولة، لكن مع قيام شركة سبأفون – قطاع اتصالات خاص – بنقل مقرها الرئيس من صنعاء إلى عدن جعل الكثيرون يتساءلون ما الذي يعرقل الشرعية من القيام بعملية نقل للاتصالات والإنترنت الحكومي والخاص من مناطق الحوثيين؟
سبأفون تنطلق من عدن
وبعد مرور ستة أعوام على انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية الدستورية، قامت شركة سبأفون بنقل سيرفرها الرئيسي إلى العاصمة المؤقتة عدن، وإعلانها في بيان لها أن الاتصالات في المناطق المحررة عبر أرقامها صارت آمنة وغير خاضعة للرقابة والتنصت الذي تفرضه المليشيا الانقلابية في صنعاء.
وعلى الرغم من تأخير النقل كل هذا الفترة الزمنية بعد الانقلاب، لكنها لاقت ترحيبا واسعا في أوساط المواطنين في المحافظات المحررة، حيث لا تزال الكثير من الصعوبات والعوائق تقف حجرة عثرة لعودة الاتصالات إلى وضعها الطبيعي بين المشتركين في نفس الشبكة ومع الشبكات الأخرى، بالإضافة إلى تفعيل شبكة الـ4g التي كانت قد وعدت الشركة بتوفيرها لمستخدميها في المناطق المحررة، وكل هذا الإشكاليات بحاجة إلى قرار من وزير الاتصالات وتقنية المعلومات لحلها.
وتعليقاً على التأخير في عملية النقل، قال ناطق شركة سبأفون عبدالله العواضي في تصريح لـ"أوام أونلاين" إن سبب التأخير كل هذا الوقت يعود إلى العراقيل الكبيرة والكثيرة التي وضعتها مليشيا الحوثي عقب اقتحامها للعاصمة صنعاء، ومنعها نقل هذا القطاع المهم والحيوي بالنسبة لها وفرضها رقابة مكثفة ولصيقة لكل ما يدخل ويخرج من معدات وأجهزة وتعيينها مشرفين لمنع الشركة من القيام بعملية النقل.
ونوه العواضي إلى أن قرار النقل كلف الشركة خسائر فادحة من تجميد أرصدة ومصادرتها واجبارهم من قبل الحوثيين على التخلي عن أكثر من 70% من المعدات والأنظمة المتواجدة في مناطق سيطرتهم، لافتاً إلى أن مليشيا الحوثي لا تزال تشغل ما استولت عليه لصالحهم بشكل غير قانوني ولا أخلاقي، مضيفاً أن الشركة تعمل للتنسيق مع وزارة الاتصالات ومع الجهات والسلطات الرسمية والمعنية والشركات الدولية لإبلاغهم بالمشغل والمالك الرسمي والقانوني والمركز الرئيسي لها؛ والتوضيح أن الحوثيين في صنعاء لا يملكون أي شرعية ولا صفة قانونية.
قلب الموازين ضد الانقلابيين
وخلال الأعوام الماضية وظفت مليشيا الحوثي كل شيء في مناطق سيطرتها خدمة لمعركتها العسكرية ضد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقيادات الشرعية السياسية والعسكرية في الداخل، وكان قطاع الاتصالات والإنترنت يعتبر أحد أهم القطاعات الاقتصادي والمعلوماتية التي استفادت منه المليشيا، ومن خلاله نجحت في تغيير الموازين في المعركة الجارية وتحقيق التقدم على الأرض لصالحها كما حدث في جبهات نهم والجوف والبيضاء ومأرب مؤخراً.
وأوضح عبدالله العواضي لـ"أوام أونلاين" أن عملية نقل سبأفون تعتبر خطوة مهمة على طريق قلب موازين معركة الاتصالات مع مليشيا الحوثي، وستحرمها من إحدى أهم الأدوات في مجال الاتصالات لأن مستخدمي خط سبأفون في مناطق الشرعية سيكونون غير مكشوفين لأجهزة الحوثي العسكرية والأمنية، مضيفاً أن المليشيا الانقلابية ستفقد جزءا كبيرا من عائدات وإيرادات الاتصالات التي تغذي بها ما تسميه بالمجهود الحربي في حربها ضد اليمنيين.
وقال ناطق شركة سبأفون، إنه قبل نقل الشركة كانت مليشيا الحوثي تستطيع مراقبة تحركات الجيش الوطني والشخصيات الاعتبارية والقيادات العسكرية والمواطنين المؤثرين في المقاومة الشعبية وتستهدفهم بصواريخه مستفيداً من سيطرته على شبكات الاتصالات الثابت والنقال والدولي والإنترنت في كافة انحاء الجمهورية، مشيراً إلى أن النقل سيؤدي إلى حرمان الحوثي من أهم عنصر رقابي ولوجستي يمكنه من التفوق في المعركة على الأرض.
وأضاف أن شركة سبأفون في الوقت الحالي تعمل بشكل مكثف بالتنسيق مع وزارة الاتصال وتقنية المعلومات في عدن على تشغيل كافة الخدمات الأساسية من توصيل الثابت والإنترنت والدولي والربط البيني بين الشبكات الأخرى وتتطلع في المستقبل القريب إلى إطلاق شبكة الجيل الرابع بحسب ناطق الشركة.
تأخير غير مبرر للشرعية
وخلال الأيام الماضية، أطلق ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، حملة إلكترونية، تطالب الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة وفعّالة لتحرير الاتصالات والإنترنت من قبضة الحوثيين، متهمين وزير الاتصالات لطفي باشريف بالتواطؤ مع الحوثيين وتسهيل استمرار سيطرتهم على قطاع الاتصالات والانترنت، الأمر الذي يساعدهم في التجسس وملاحقة الرافضين للانقلاب والحصول على مورد مالي كبير لتمويل حربهم ضد الشرعية.
وعقب الحملة بأربعة أيام جاءت عملية نقل سبأفون في خطوة مفاجئة إلى عدن دونما أي مؤشرات تؤكد على نية وزارة الاتصال بنقل قطاع الاتصال والإنترنت الحكومي من مناطق سيطرة الانقلابيين.
وحمّل الخبير في مجال الاتصالات المهندس محمد المحيميد مسؤولية التأخير في نقل المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، مشيراً إلى أن الخطوة التي قامت بها سبأفون أثبتت أنه كان باستطاعة الشرعية منذ سنوات سحب قطاع الاتصالات والانترنت من الحوثيين وحرمانهم من فوائد هذا القطاع الهام.
وقال لـ"أوام أونلاين" بالرغم من أهمية الخطوة التي قامت بها سبأفون بعد أن أصبحت الاتصالات آمنة 100% في المناطق المحررة من تجسس مليشيا الحوثي، إلا أنها ما تزال ناقصة لأنها توفر في الوقت الحالي المكالمات ورسائل نصية فقط وينقصها بقية الخدمات مثل الإنترنت والصفر الدولي والربط البيني مع بقية الشركات، مشيراً إلى أنه لن يتم استكمال بقية الخدمات إلا بتعاون وزارة الاتصالات مع الشركة.
وأضاف أن الحرب خلال السنوات الماضية أثبتت ان قطاع الاتصالات والإنترنت يمثل نصف المعركة أمنياً وعسكرياً واقتصادياً، وأن الأولى كان نقل شركات ومؤسسات الاتصال الحكومية إلى المناطق المحررة لأن عملية النقل تحتاج إلى قرار فقط من الشرعية، منوهاً إلى أن ما فعلته سبأفون سيبقى حجة على الوزارة وبقية شركات الاتصالات الأخرى التي طالبها أن تحذو حذو سبأفون.