أوام أونلاين – خاص:
أثار الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت مساء الثلاثاء، والذي تضررت منه نصف العاصمة جراء تخزين أطنان من مادة "نترات الأمونيا" شديدة الانفجار منذ ست سنوات، مخاوف اليمنيين من انفجار ناقلة النفط صافر قبالة سواحل الحديدة جراء رفض الحوثيين السماح بصيانتها أو نقلها منذ سنوات مستغلين الموقف الدولي الضعيف الذي يصفه البعض بالمتواطئ معهم.
وأدى انفجار مرفأ بيروت إلى وفاة مائة شخص على الأقل وإصابة 4000 شخص بخلاف المفقودين، وقال الرئيس اللبناني ميشال عون إن 2750 طنا من نترات الأمونيا كانت مخزنة بطريقة غير آمنة في مستودع لنحو ست سنوات.
وفي تقديرات أولية للخسائر المادية، قال محافظ بيروت إن التكلفة تقدر ما بين ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار وأن الضرر لحق بنصف العاصمة وهناك 300 ألف شخص مشردين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم إلا بعد شهرين على الأقل، علاوة على تدمير أو تضرر مخازن القمح وهو ما سيفاقم أزمة الغذاء هناك، بسبب تضرر الميناء الرئيسي الذي تأتي منه 80 في المائة من السلع الغذائية.
وقد أثار ذلك مخاوف اليمنيين الذين تابعوا ما حصل في بيروت وأعينهم على ناقلة النفط صافر الراسية قبالة ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة على البحر الأحمر منذ سنوات دون صيانة بسبب رفض الحوثيين الذين يسيطرون على الميناء والمحافظة السماح بذلك ضاربين عرض الحائط بكل التداعيات الكارثية المتوقعة في حال انفجرت.
ومنذ قرابة شهر حين أعلنوا موافقتهم المكتوبة بالسماح للخبراء الأممين بالوصول للناقلة، بحسب المبعوث الأممي مارتن غريفيث، إلا أنهم لم يلتزموا بذلك رغم مرور جلستين لمجلس الأمن منذ ذلك الالتزام، وسط تخاذل دولي وهو ما يصفه البعض بالتواطئ مع الحوثيين.
يبلغ عمر الناقلة المتهالكة 45 عاما، علما بأنه كان ينبغي التخلص منها قبل عقدين. وهي تحمل نحو 1.14 مليون برميل من النفط، وإذا تسرب محتواها في البحر الأحمر فسيواجه الكوكب إحدى أخطر الكوارث البيئية على الإطلاق.
دون صيانة
توقفت الأنشطة في ميناء رأس عيسى شمال الحديدة -الخاضعة لسيطرة الحوثيين- منذ في مارس 2015.
وقد مرت أكثر من ٥ سنوات على آخر مرة خضعت فيها ناقلة "صافر" لأدنى أعمال الصيانة، بينما يستمر هيكلها في التآكل جراء الملح والحرارة.
مع تنامي النداءات خلال العامين الماضيين، ازداد التهديد البيئي الذي تشكله هذه الناقلة بشكل كبير.
ورقة مساومة
وفي تصريحات سابقة لموقع "أوام أونلاين"، قال الخبير النفطي، عبدالواحد العوبلي، إن الحوثيين “حريصون على وجود الناقلة كرهينة أو مصدر تهديد في حالة قرر الجيش اليمني السيطرة على الحديدة مثلا، لذلك هم يلوّحون بتفجيرها والتسبب بكارثة. لكنهم يعرفون أن مثل هذه الخطوة ستجلب عليهم لعنات العالم لما ستسببه من دمار للبيئة البحرية في البحر الأحمر وتعطيل لحركة الملاحة الدولية فيه”.
وقد اعترف دبلوماسي أوروبي بأن الحوثيين أبلغوهم خلال لقاءاتهم معهم بأنهم يستخدمون الناقلة كسلاح لمنع تحرير الحديدة وابتزاز المجتمع الدولي في أية تسوية قادمة.
كارثة بيئية وإنسانية
وإلى جانب مئات الآلاف من الطيور والأسماك المهددة بالانقراض، تتربص باليمن كارثة إنسانية على عدة أصعدة.
فأكثر من 100 ألف أسرة تكسب قوتها من الصيد، كما أن هذا الخطر يهدد محطات تحلية المياه، التي غالبا ما تكون السبيل الوحيد للحصول على المياه الصالحة للشراب.
ووفق ما أفادت به منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، في حوار لوكالة "فرانس برس" إذا تحطمت السفينة ستحدث كارثتان، كارثة بيئية لم يسبق لها مثيل، وكارثة إنسانية أخرى لأن النفط سيجعل ميناء الحديدة غير صالح للاستعمال".
آخر الشعاب المرجانية
وبينما تموت الشعاب المرجانية في كل مكان بسبب ظاهرة الاحترار العالمي، فإن تلك الموجودة في البحر الأحمر هي الوحيدة في العالم التي تقاوم، خاصة في شمال البحر الأحمر، والتي تمتد على طول أكثر من 1800 كيلومتر.
وفي هذا الصدد، يقول الأستاذ أندرس ميبوم من مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية إن "ذلك معجزة بيولوجية وهدية حقيقية".
بعد أن نمت الشعاب المرجانية في المياه الدافئة في الجنوب، لا يزال لدى هذه الشعاب هامش للتأقلم في المياه الأكثر اعتدالا في شمال البحر.
ويضيف ميبوم أنه "على عكس الشعاب المرجانية في أستراليا ومنطقة البحر الكاريبي، لا يزال بإمكان الشعاب في البحر الأحمر الصمود في حال ارتفعت درجة الحرارة بمقدار درجتين أو ٣ درجات. ولكن يجب أن تظل في مأمن من التلوث المحلي الخطير".
ويقول دومينيك دادلي صحفي مستقل عمل في إعداد التقارير عن الأعمال التجارية والقصص الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، إنه "من الصعب حساب تكلفة تسرب النفط في البحر لكن البعض حاول، وتقول شركة [Riskaware ] ومقرها المملكة المتحدة أنّ التسرب النفطي قد يستغرق عامين ونصف لتنظيفه بتكلفة 20 مليار دولار".
والأخطر من ذلك حدوث حريق أو انفجار على متن السفينة، مما قد يؤدي إلى تغطية 40٪ من الأراضي الزراعية في اليمن، من شأن ذلك أن يترك أكثر من 3 ملايين مزارع غير قادرين على العمل لمدة عام.
وأضاف في مقال بمجلة فوربس "يُمكن أن يتعرض أكثر من 8 ملايين شخص لتلوث الهواء الخطير ويحتاجون إلى رعاية صحية لا تستطيع اليمن التي مزقتها الحرب تحملها. أكثر من 8000 بئر مياه معرضة لخطر التلوث وستختفي سبل عيش مجتمعات الصيد على طول ساحل البحر الأحمر في غضون أيام. ومن المرجح أن يُغلق ميناء الحديدة الرئيسي، الذي يقع إلى الجنوب من موقع صافر، لفترة طويلة".