كيف غير نصر أذربيجان في إقليم "قره باغ" المعادلة الجيو- استراتيجي وساهم في إعادة التموضع التركي ؟!

كيف غير نصر أذربيجان في إقليم "قره باغ" المعادلة الجيو- استراتيجي وساهم في إعادة التموضع التركي ؟!
أوام أونلاين - متابعات
  • 21 نوفمبر ,2020 11:07 م

نجحت أنقرة بالتسلل إلى فناء موسكو الخلفي، وانتزعت منها اعترافا بدورها الجيوسياسي في منطقة جنوب القوقاز، إذ حصلت تركيا على موطئ قدم ثابت هناك بسبب شراكتها بالنصر الذي حققته باكو في إقليم ناغورنو قره باغ.

 

الثغرة التي تسللت منها أنقرة إلى تغيير المعادلة الجيو-استراتيجية في هذه المنطقة كانت نتيجة خطأ في حسابات الكرملين الذي نقل دور روسيا من قوة حاسمة إلى وسيط نزيه بين طرفي الصراع، فيما اندفعت أنقرة المنحازة سياسيا وعسكريا خلف باكو، إضافة إلى أن موسكو من بداية النزاع المسلح ما بين أرمينيا وأذربيجان لم تنخرط إلى جانب ياريفان تجنبا لدخول معركة استنزاف مع أنقرة، قد تنتقل إلى خطوط تماس أخرى في منطقة البحر المتوسط.

 

غابت أنقرة شكلا عن طاولة المفاوضات الثلاثية بين (روسيا، أذربيجان وأرمينيا) لكنها أثبتت حضورها عبر باكو المنتصرة، فيما تم استبعاد كافة اللاعبين الإقليميين والدوليين عن الاتفاقية التي وقعت بين الجانبين برعاية موسكو، فطهران التي يمكن وصفها بأكبر الخاسرين، التزمت الصمت وتعاملت بحذر طوال أسابيع المواجهة مع حليفتها ياريفان، التي باتت مكبلة بقيود المصالح الروسية من جهة ومن جهة أخرى بواقع ميداني فرضته باكو وتستغله أنقرة لصالحها.

 

كما أن أنقرة سهلت أمام الكرملين عملية استيعاب باكو، وحصر الحوار مع موسكو فقط، وذلك تلبية لرغبة الكرملين في قطع الطريق على الدول الغربية وخصوصا أعضاء مجموعة مينسك ( فرنسا وأميركا) من التدخل بشؤون القوقاز التي تشكل تحديا مباشرا بالأمن القومي الروسي.  

 

بالنسبة لبعض مراكز القوة في موسكو ما حصل في قره باغ نكسة استراتيجية للكرملين، الذي تحول قيصره بين ليلة وضحاها من رمز دولي يمثل إعادة إحياء التعددية القطبية بوجه هيمنة القطب الواحد، إلى وسيط إقليمي فرضته الجغرافيا وليس القوة.

 

هذا ما يفسر اعتقاد البعض بأن موقف الكرملين الملتبس من الأزمة لن تختصر عواقبه الكارثية فقط على أرمينيا بل ستصل إلى روسيا بعدما أقرت موسكو بأن أنقرة لاعبا جيوسياسيا في منطقة جنوب القوقاز. الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات لدى النخب الروسية من التحالفات المعقدة والمربكة ما بين موسكو وأنقرة، وفي هذا الصدد ينقل الخبير في الشؤون الروسية الدكتور بسام المقداد عن صحيفة "Novaya" االليبرالية المعارضة  قولها في مقال عنوانه "العالم المؤذي": "لماذا توتر روسيا وتركيا دورياً علاقاتهما، ويبقون، مع هذا، شريكان مفيدان لبعضهما".

 

فتح الانتصار الأذربيجاني الطريق أمام أنقرة للتواصل مباشرة مع العالم التركي بعد سيطرة أذربيجان على طول الشريط الحدودي مع إيران، فتمكنت من تأمين ممر آمن بحماية روسية بين إقليم ناخيتشيفان الأذري المعزول بين (أرمينيا وإيران وتركيا) والأراضي الأذرية، الذي فتح لأول مرة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي طريقا بريا-بحريا ما بين تركيا وأذربيجان ومنها إلى آسيا الوسطى قلب العالم التركي عبر تركمانستان أو كازخستان.

 

وبذلك، حققت أنقرة حضورها على أحد الأفرع الرئيسية لطريق الحرير الجديد، وتحررت من القيود والشروط السياسية التي كانت تضعها عليها طهران باعتباره ممرها الأقرب إلى أذربيجان ودول آسيا الوسطى.  

 

إلى الآن لا يمكن فهم سوء التقدير الروسي في قضية قره باغ، فيسود الاعتقاد بأن الكرملين أراد توجيه رسالة إلى حلفائه التقليديين في الجمهوريات السوفياتية السابقة بأن التخلي عن موسكو والانتقال إلى الضفة الغربية سيكون مصيره مثل مصير ياريفان، بسبب سياسات رئيس وزرائها الذي جاء عبر ثورة ملونة أطاحت بـ"حليف موسكو".

 

إلا أن خسارة موسكو الاستراتيجية لا يمكن أن تعوض حتى لو نجحت في قلب السلطة في ياريفان، فأي محاولة أرمينية مستقبلا لتغيير قواعد الاشتباك تحتاج إلى انخراط روسي كامل في القتال، وهذا لم يعد ممكنا في المدى القريب أو المتوسط بسبب تقاطع المصالح الروسية التركية من شرق المتوسط إلى جنوب القوقاز، والذي لا يمكن أن تتخلى عنه موسكو خصوصا مع عدم توفر البدائل، كما أن موسكو ليست بوارد خسارة الأسواق الأذرية، لذلك قد تحتاج ياريفان إلى ثلاثة عقود جديدة وتنتظر كما انتظرت باكو.

اقرأ ايضاً

 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مغادرة كافة الويته جنوبي قطاع غزة

جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مغادرة كافة الويته جنوبي قطاع غزة

أعلنت قوات الإحتلال الإسرائيلي، الأحد 7 أبريل مغادرة كافة الألوية جنوبي قطاع غزة، الليلة الماضية، عدا لواء واحد مهمته تتمثل في منع المدنيين الفلسطينيين من العودة إلى شمالي القطاع…

 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مغادرة كافة الويته جنوبي قطاع غزة

جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مغادرة كافة الويته جنوبي قطاع غزة

أعلنت قوات الإحتلال الإسرائيلي، الأحد 7 أبريل مغادرة كافة الألوية جنوبي قطاع غزة، الليلة الماضية، عدا لواء واحد مهمته تتمثل في منع المدنيين الفلسطينيين من العودة إلى شمالي القطاع…

 قرابة 30ألف شهيدا و70ألف جريح حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة.

قرابة 30ألف شهيدا و70ألف جريح حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة.

قرابة 30ألف شهيدا و70ألف جريح حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة. أوام أونلاين _ غزة .ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى 29 ألفا و313 شهيدا، و69…