أوام أونلاين – خاص:
العيد "عيد العافية" و "السلام تحية أو نظر" والزيارات لأجل "العوّادة" يمكن تعويضها بالاتصال ورسائل "واتساب"، كل هذه المقولات والنصائح يتبادلها اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي كما غيرهم للالتزام بها في عيد الفطر حفاظاً على حياتهم من وباء كورونا الذي يجتاح العالم وأحدث تغييرات غير متوقعة في نمط وسلوك البشر.
وحتى يوم 22 مايو الجاري، أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا، 205 حالة إصابة بينها 33 حالة وفاة منذ تسجيل أول حالة إصابة بالوباء بمدينة الشحر بحضرموت في العاشر من أبريل الماضي، وتصدرت القائمة عدن بـ90 إصابة ولهذا السبب وغيره أعلنتها الحكومة مدينة موبوءة. بينما يرفض الحوثيون الإعلان عن الأرقام الحقيقية للإصابات والوفيات التي تقدرها مصادر متعددة بـ500 إصابة بينها 200 حالة وفاة.
وبسبب الوباء اتخذت السلطات المحلية في المحافظات العديد من الإجراءات الاحترازية مثل إغلاق الأسواق العامة بما فيها أسواق القات والمنتزهات والحدائق وصالات الأفراح وألزمت المطاعم بالبيع سفري وأغلقت المساجد، لكن نسبة التنفيذ تختلف من محافظة لأخرى، غير أن العديد من هذه التدابير أصبحت جزءاً من حياة المواطنين الذين سيتعين عليهم التكيف معها والتخلي عن بعض عاداتهم وقد فعلوا في رمضان.
قواعد جديدة
فرض الوباء نفسه على حياة الناس على الرغم من استمرار حالة التشكيك والاستهتار لدى البعض، وبدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتبادلون النصائح حول كيفية حماية أنفسهم وأهاليهم وكيف يمكن لهم الفرح بالعيد دون ممارسة كل طقوسه.
تركز النصائح المتداولة على حث الناس على عدم التجمع وأداء صلاة العيد في المسجد أو المصليات أو الأماكن العامة حفاظاً على حياتهم كون الفيروس ينتقل عبر الاختلاط، ويدعم هؤلاء نصائحهم بتوجيهات وزارة الأوقاف التي بينت أن صلاة العيد سنة بينما الحفاظ على النفس واجب شرعي، وتداول آخرون فتوى للقاضي محمد بن إسماعيل العمراني أجاب فيها على سؤال متكرر وصله حول كيفية أداء صلاة العيد في ظل تفشي الوباء، فأجاب بالصلاة في البيت.
لكن لا يُتوقع أن يلتزم الجميع بذلك خاصة في الأرياف والمدن التي تخف فيها قبضة السلطات ولم ينتشر فيها الوباء، لأن التخلي عن هذه العادات ليس بالأمر السهل على مجتمع يراها من واجبات العيد. بيد أن هناك من سيلتزم خوفاً من الإصابة أو من ملاحقة السلطات.
التكيف مع إجراءات كورونا
تحفل مواقع التواصل بالعديد من المنشورات والتغريدات التي يقول أصحابها لأصدقائهم أنهم قرروا أن لا يؤدوا صلاة العيد خارج منازلهم وأنهم لن يزوروا أحد، ويأملون منهم تفهم ذلك من أجل سلامة الجميع، ويلفتون الانتباه إلى وجود بدائل للمعايدة والتواصل من خلال التلفونات وتطبيقات التواصل.
د. ألفت الدبعي، أستاذة علم الاجتماع بجامعة تعز، كتبت على حسابها بموقع تويتر "حفاظاً على أسرتي ومن أحب فإنني أعتذر عن زيارتهم بهذا العيد ونعتذر أيضاً عن استقبالهم لنفس السبب. نتباعد اليوم لنلتقي غداً". وترجو من الجميع "مشاركة الرسالة لنرفع من الوعي المجتمعي بالالتزام بالحجر المنزلي للحد من انتشار كورونا لنحفظ أهلنا وأحبائنا جميعا ونكون جيل واعي وكل عام وأنتم بخير".
وضمن هذا التوجه استخدم المصور فاروق الشعراني، لاءات ثلاثة تبدو متجانسة للتحذير من خطورة الوضع وما يتطلبه من التزام صارم بالتدابير الاحترازية بالعيد، قائلاً في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر "العيد الأحد
لا تسلم على أحد. ولا تسير عند أحد. ولا يجي عندك أحد. ومحد ينفع أحد. #كورونا".
ومنذ بدء تفشي الوباء في الصين في ديسمبر الماضي، وما تبعه من إجراءات صارمة للحد منه مثل فرض الحجر الجماعي في المدن وحظر التجوال وفرض الحجر المنزلي، لعبت وسائل الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثات دورا أساسيا في حياتنا اليومية.
وبدأ الناس في التعود على هذه الوسائل، التي خففت وطأة الانقطاع عن أحبتنا ودوائرنا الاجتماعية، وستبقى جزءاً من يومياتنا طال الوباء أم انتهى قريباً.
يبدي الأطباء خشيتهم من انفجار الوباء وانتقاله أكثر للريف الأكثر أماناً والأضعف صحياً، ويحذّرون من الاختلاط والسلام وهي من العادات الأشهر في العيد، ويذكروا بما تقوله الدراسات بأن الفيروس ينتقل عبر المصافحة أو التقبيل بالوجه وينصحون بالتخلي عن هذه العادات مؤقتاً.
ويقول د. غمدان الآنسي ناصحاً " أرجو من الجميع عدم الخروج لسلام العيد وكذلك عدم السماح لأي أحد بالحضور لبيوتكم بغض النظر عن من هو ومن أين هو وما صلة القرابة بكم حفاظا على أرواحهم وأرواحكم وأرواح من تحبون. الأمر أكبر وأخطر مما تعتقدون ومما هو ظاهر. لا تستسلموا للعواطف فتقتلكم وتقتل غيركم".
نصائح للعيد
وفي الواقع لم يعد هذا كلام الأطباء وحدهم، بل أصبح حديثاً عاماً يقوله المثقفون في منابر الإعلام ومنصات التواصل في إطار استشعار مسؤولياتهم وتأثيرهم لتحذير الناس مما قد لا يُحمد عقباه.
فالصحفي علي الفقيه، مدير تحرير صحيفة المصدر، كتب ثلاث تغريدات عبر حسابه على موقع تويتر قال في الأولى "أحبابنا في اليمن: استبدلوا صلاة العيد بالصعود إلى أسطح المنازل والشرفات ورددوا من هناك تكبيرات العيد بشكل جماعي. يجب أن تأخذوا إجازة من صلاة العيد هذا العام حفاظاً على سلامتكم".
وفي الثانية قال "اعفوا انفسكم من المصافحة والتقبيل والعناق وارفعوا شعار "السلام نظر". لا داعي للزيارات حتى لو كنت منتحراً وغير مكترث بالوباء، فلا تقتحم منزل جارك أو قريبك وامنحه فرصة الحفاظ على حياته".
ولم ينس الفقيه التذكير بموضوع التسوق وأن الوضع الصحي والمالي لا يسمح للتسوق مثل كل عيد، قائلاً "قبل هذا كله لا داعي للزحام في أسواق الملابس ليلة العيد لأن الفيروس ينتظركم عند كل تجمع بشري. ولأن العيد سيكون قي البيت فلن يكون هناك حاجة للملابس الجديدة. عيد مبارك وكل عام وأنتم سالمين".
لكن هذا لا يعني أن العيد فقد بريقه، ذلك أن فرحة الأطفال الذين حصلوا على لباس جديد للعيد، ستكون حاضرة، مثلما ستكون بيوت الناس زاخرة بالحلويات وهدايا العيد المتنوعة، والعيد هو يومه كما يُقال.