الوحدة بين سقوط الخيار العسكري ونجاح العمل السياسي السلمي.

الوحدة بين سقوط الخيار العسكري ونجاح العمل السياسي السلمي.
خالد الفرح
  • 21 مايو ,2023 05:44 م



الوحدة بين سقوط الخيار العسكري ونجاح العمل السياسي السلمي.

خالد أحمد الفرح 

الوحدة اليمنية أمر طبيعي عاشه اليمنيون منذ آلاف السنين. وبالرغم من حكم الاستعمار في الجنوب والإمامة في الشمال وإقامتهما حدود تشطيرية إلا أنها لم تنل يوماً من وحدة الأرض والإنسان، وحدة الشعب الواحد والوطن الوحد والدين والتاريخ واللغة الواحدة والتراث الحضاري والعادات والتقاليد الراسخة والتي جعلت من اليمن وحدة واحدة في كل الظروف والمتغيرات السياسية.
ومن أجل الوحدة نشبت الحروب والصراعات الداخلية فكان أبناء الشعب الواحد- شمال وجنوب- يتحاربون من أجل الوحدة ويزداد لديهم الشعور الملح بضرورة تحقيق الوحدة عقب كل صراع أو حرب أهلية.
ومنذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر لم يأت أي نظام سياسي إلا ورفع شعار الوحدة، وجعلها في مقدمة أهدافه. فالوحدة هي الهدف الخامس لثورة 26 سبتمبر وهي أهم هدف وضعته الجبهة القومية في الميثاق الوطني أثناء الكفاح المسلح.
إن استمرار وبقاء التواصل والاتصال الثقافي والمعيشي، ناهيك عن حرية تنقل الناس ووحدة المعاناة اليومية ووحد المصلحة المشتركة كانت هي السمة البارزة في فترة التشطير حيث أكد اليمنيون بأنهم شعب واحد في دولتين.
في القرن التاسع عشر، استطاع بسمرك أن يوحد ألمانيا ولكنه وحدها بالحرب وبالحرب أيضًا تمكن لنكولن من توحيد أمريكا.
ومع بداية القرن العشرين، كان اليمن شمالاً وجنوبًا يخضع للنظام الامبراطوري الدولي-
فالشمال يخضع للإمبراطورية العثمانية التي انتهت في الحرب العالمية الاولى وخرجت منها صنعاء مستقلة
كما كان الجنوب يخضع للإمبراطورية البريطانية والتي انتهت في فترة الستينات من القرن الماضي وخرجت منها عدن مستقلة.
- ولكن اليمنيون ما إن تخلصوا من النظام الامبراطوري الدولي حتى خضعوا للنظام الدولي القطبي بزعامة واشنطن وموسكو.
وكان انقسام النظام الدولي إلى معسكرين متصارعين قد أفرز مناخاً غير مواتٍ لتحقيق الوحدة وخاصة ان تجربة كل شطر كانت تقيم سياسياً بأنها امتداد لقيم وسياسات ومصالح أحد المعسكرين المتصارعين.
بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م لجأ الكثير من قيادات جنوب الوطن إلى الشمال. كما كان الجنوب قبلة اليساريين الشماليين وذلك ما عبر عنه الأديب الكبير عبدالله البردوني بقوله:
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمنِ
جنوبيون في صنعاء شماليون في عدنِ
وكانت حرب الملكية ضد الجمهورية والتي استمرت 6 سنوات في الشمال، وكذلك الحرب بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بعد الاستقلال في الجنوب وحرب الشطرين عام 1972م وحرب عام 1979م وحرب المناطق الوسطى وحرب يناير 1986م
ويسجل التاريخ ظاهره إيجابيه انفرد وتميز بها اليمنيون دون غيرهم وهي انه عقب كل حرب بينية كانوا يتوصلوا إلى عقد اتفاقيات وحدوية مثل اتفاقية القاهرة عام1972م التي وقعها رئيسي وزراء الشطرين علي ناصر محمد عن الجنوب، ومحسن العيني عن الشمال، واتفاقية الكويت عام 1979م التي وقعتها قيادتي الشطرين السابقين الرئيس علي عبدلله صالح والرئيس عبد الفتاح اسماعيل بعد حرب 79 م.
ويفسر البعض التعجيل بتحقيق الوحدة الاندماجية عام 90 م بأنه يعود إلى انهيار الحرب الباردة ومع ذلك فان انهيار الحرب الباردة قد شطرت بلدان كانت موحدة مثل (تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا) وساهم في توحيد بلدان كانت مشطرة (اليمن والمانيا) ولم تتوحد الكوريتين حتى اللحظة الراهنة.
أما في الحالة اليمنية فإننا نختتم هذ المقال بقولنا: ما احترب اليمنيون ليتفرقوا وإنما ليتفقوا وينطبق عليهم قول الشاعر:
إذا احتربت يوماً فسالت دمائها تذكرت القربى فسالت دموعها.

خالد احمد الفرح- باحث في التاريخ اليمني.

اقرأ ايضاً

 "أسبيدس" بقيادة إيطالية

"أسبيدس" بقيادة إيطالية

في مايو 2017م كنت في زيارة رسمية إلى ألمانيا، كانت هي الثانية لأوروبا بعد سويسرا، وذلك أثناء رئاستي للحكومة اليمنية، التقيت وزملائي في الوفد -وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، ووزي…

 غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني

غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني

‏غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني همدان العليي ‎@hamdan_alaly أعطوني فائدة واحدة حصل عليها أبناء غزة مما يفعله الحوثي في البحر الأحمر أو عبر مفرقعاته التي يطلقها ب…

 الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. قالوها قوية وطنية يمنية

الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. قالوها قوية وطنية يمنية

قالوها قوية وطنية يمنية 7يناير 2024تحية لهؤلاء المناضلون كبار القوم وزعماء الإقليم الشرق، قادة سياسيون واجتماعيون مثقفون وإعلاميون، رجالًا ونساءً فقد قالوا كلمتهم في أجواء ملبدة ب…