عبدالله شروح
أم تنظر إلى فلذتها محض صورة معلّقة على الجدار، فتهمي عيونها بلا حساب. زوجة يداهمها الليل وقد صيّرت الحرب زوجها مجرّد قميص توشك رائحته على التبدد بفعل سيل الدمع الليليّ المتصل. ابنة تتوقف عن الذهاب إلى المدرسة لأن أباها التهمته الحرب، وما عاد هنالك من يشتري لها الدفتر والقلم والحقيبة، فتمطر عيناها في محاولة يائسة لمواجهة جدب الحياة.
هكذا تعيش المرأة اليمنية يومها العالمي منذ انقلاب المليشيا الحوثية وابتداء الحرب، ناهيك عن الإضرار المباشر بها الذي لم تبخل به المليشيا، من اعتداء بالقتل والسجن، وصنوف الاستغلالات الرخيصة.
وفي خلفية هذا كله، تُرى، على بُعد قرون غابرة، ملكة يمنية، جالسة على عرشها، حولها أعيان قومها تخاطبهم: "يا أيّها الملأ أفتوني في أمري، ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون".
وما بين الصورتين، الماضوية الألقة، والحاضرة الغارقة في الظلام، تعيش المرأة اليمنية نضالاً مهولاً لا يلقى حقه من التقدير، نضالاً ضد إرادات الموت المتدفقة مما وراء الحدود منذ قرون، إرادات فقيرة إلى أي معنى يرتبط بالحياة.