مطارح نخلا.. ذكرى التأسيس وضرورة العودة لأمجاد البدايات

مطارح نخلا.. ذكرى التأسيس وضرورة العودة لأمجاد البدايات
علي عويضة
  • 18 سبتمبر ,2022 07:34 م



علي عويضة


تحل علينا اليوم ذكرى تأسيس مطارح نخلا، النواة الأولى لمطارح مأرب التي تم تأسيسيها في عدة مناطق مختلفة بمحافظة مأرب أواخر العام 2014 ومطلع العام 2015، وكانت تلك المطارح مجتمعة نواة تأسيس المقاومة الشعبية التي صدت زحف ميليشيا الحوثي الإيرانية، بقدراتها البسيطة، ثم بالدعم الذي تلقته من الحلفاء في دول التحالف العربي.

كان تأسيس المطارح في 18 سبتمبر 2014 علامة فارقة في مسار التصدي لميليشيا الحوثي، ومن ثم هزيمتها على أسوار مأرب، حيث جاء التأسيس في وقت كانت شرارة المقاومة للمشروع الحوثي في نفوس اليمنيين تكاد أن تنطفئ، بفعل الانتصارات الوهمية التي يتم منحها للحوثيين، بفضل خيانات من الداخل ودعم لا محدود من الخارج، بدءاً من سقوط عمران ثم احتلال صنعاء والتمدد غرباً نحو الحديدة وجنوباً باتجاه البيضاء وإب بحجة محاربة القاعدة وغيرها من الأكاذيب.

كانت المطارح شهادة نجاح للقبيلة التي استطاعت لملمة شتاتها وتناسي جراحها، فعقدت القبائل صلحاً عاما بينها، من أجل التفرغ للعدو الحوثي الذي كان يحشد بكل كثافة للسيطرة على مأرب، التي كان ينظر إليها كمعقل للمقاومة، وكمورد مالي واقتصادي كبير، فكانت حلمه الذي لا يمكنه التراجع عنه، ولا يغنيه عنها سيطرته على كل مناطق الشمال.

تمكنت القبائل المأربية من تأسيس كيان واحد تنضوي تحت رايته كل المكونات التي اختارت خيار مقاومة الحوثي، وباتت مأرب والمطارح قبلة الأحرار من كل قبائل ومناطق اليمن، من أجل مواجهة المشروع الحوثي الذي كان يعبث في المناطق التي يسيطر عليها، وسرعان ما تأكد اليمنيون أن مشروعه مشروع موت لا حياة، فكان خيار المقاومة خياراً لا رجعة فيه متى ما وجدت الراية والأرض التي ستنطلق منها المقاومة.

لقد شكلت المطارح سداً منيعاً تكسرت أمامه جحافل الحوثي، وتمكنت من هزيمته معنوياً ونفسياً وفي الميدان، وفوق هذا كله استطاعت كسر الصورة النمطية للحوثي في أعين اليمنيين، وأنه مجرد نمر من ورق تستطيع أي قوة مرتبة أن تهزمه وتمرغ أنفه في التراب.

تعرضت المطارح في بداية تأسيسها للتشويه من القريب والبعيد، وبدأت الحملات الإعلامية في الظهور لتشويه هذا الكيان الجديد الذي أصبح مهدداً حقيقياً للميليشيا وحلفاءها، فكانوا يصفونها تارة بمطارح القاعدة وتارة بمعسكرات الإرهاب، وتارة بتجمعات التكفيريين، وكانت تلك الحملات بالطبع تجد من يصدقها ويروج لها، وينقلها للخارج، لكن قيادة المطارح كانت منفتحة على جميع وسائل الإعلام التي كانت تأتي لزيارة المطارح ومقابلة المشايخ والوجاهات والقيادات التي كانت توضح رسالة المطارح وقبائل مأرب وحقها المشروع في الدفاع عن نفسها.

استطاعت قيادة المطارح في وقت وجيز ترتيب الجوانب العسكرية والمالية للمطارح، وبدأت بتجهيز الكتائب لحماية حدود مأرب من أي تقدم حوثي في أي اتجاه، فلم تنطلق أول رصاصة من بندقية الحوثي، إلا وكانت الكتائب والمقاتلين من المطارح يتصدون لزحوفات الحوثي من صرواح إلى قانية إلى حريب، بعد أن كانت قد تلقت تدريباً عالياً عسكرياً ومعنوياً لمواجهة هجمات الميليشيا.

كان الأساس القوي الذي بنيت عليه المطارح هو الوحدة والتآلف الذي تم بين قبائل مأرب ومكوناتها السياسية والاجتماعية، فاختفت المسميات القبلية والسياسية، وأصبحت راية الدفاع عن مأرب هي الراية الوحيدة التي يتم رفعها والتحدث باسمها، وكان هذا هو السر الحقيقي للنجاح والصمود الذي لازال مستمراً إلى اليوم.

وبالإشارة لهذا الموضوع، فإنه لا بد من التأكيد على أن قبائل مأرب ومكوناتها بحاجة كبيرة اليوم لاستعادة أمجاد البدايات، وهذا بالضرورة يدعو لاستعادة أسرار النجاح، بدءاً من توحيد الصفوف، والتخلي عن الخلافات والنزاعات، وترميم الصف الداخلي، وإنهاء الاحتراب الذي يهدد السلم الاجتماعي ويهدد بتفتيت صف المقاومة التي وقفت سداً منيعاً أمام جحافل الحوثي الذي كان يهدد الجميع دون استثناء.

إن أكثر ما يهدد مأرب وأبناءها اليوم في ذكرى تأسيس المطارح، هو تفتيت الصف الداخلي، وهو ما يسعى إليه العدو الحوثي اليوم بكل قوة، بعد أن عجز عن اقتحام مأرب من الخارج، فبدأ عبر ذيوله في الداخل بإشعال الحروب وإثارة الفتن بين القبائل، وإعادتها للشتات والفرقة، بعد أن تجمعت تحت راية واحدة لمواجهته، وتمكنت بالفعل من هزيمته وكسر شوكته وإذلاله.

كل هذا يدعو جميع المنضوين تحت راية المقاومة إلى البحث عن أسباب النجاح السابقة، والعودة إليها، وهذا يبدأ من إعادة تسوية الصفوف، وترك الخلافات جانباً، وتأطير المشاكل الداخلية وعدم توسيعها، والبحث عن كل أسباب الخلافات والفتن، وحلها قبل أن تكبر، واعتبار كل مشكلة تهدد الصف المأربي، تهدد أيضاً الصف الوطني، فمأرب اليوم أصبحت هي رمز اليمن ورمز الجمهورية، وأي تهديد ولو كان صغيراً، هو بالضرورة تهديد للجمهورية التي باتت تتكئ على مأرب، وعلى أكتاف الرجال الذين أسسوا مطارح نخلا والسحيل وبقية مطارح مأرب

اقرأ ايضاً

 "أسبيدس" بقيادة إيطالية

"أسبيدس" بقيادة إيطالية

في مايو 2017م كنت في زيارة رسمية إلى ألمانيا، كانت هي الثانية لأوروبا بعد سويسرا، وذلك أثناء رئاستي للحكومة اليمنية، التقيت وزملائي في الوفد -وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، ووزي…

 غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني

غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني

‏غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني همدان العليي ‎@hamdan_alaly أعطوني فائدة واحدة حصل عليها أبناء غزة مما يفعله الحوثي في البحر الأحمر أو عبر مفرقعاته التي يطلقها ب…

 الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. قالوها قوية وطنية يمنية

الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. قالوها قوية وطنية يمنية

قالوها قوية وطنية يمنية 7يناير 2024تحية لهؤلاء المناضلون كبار القوم وزعماء الإقليم الشرق، قادة سياسيون واجتماعيون مثقفون وإعلاميون، رجالًا ونساءً فقد قالوا كلمتهم في أجواء ملبدة ب…