أوام اونلاين_تقرير خاص.
وليد الراجحي
فجر يوم ال 12من أبريل 2015م
كانت مليشيا الحوثي قد حشدت قضها وقضيضها من السلاح والعتاد على تخوم سوق صرواح غربي مأرب.
بعد أن انهزمت نهاية مارس على تخوم مديرية ماهيلة جنوب مأرب.
في صبيحة الاحد 12ابريل فجر الحوثي حربا بصرواح باعتبارها الجغرافيا الأقرب لمدينة مأرب والأقرب لمنابع النفط والمنشآت الحيوية الوطنية في مأرب،لكنها كانت الأقرب لموت الآلاف المقاتلين وتلاشي جزء كبير من ترسانة العسكرية التي نهبها من مؤسسات الدولة العسكرية.
بعد خمسة أعوام يعاود الحوثي الكرة من صرواح معتقداً أن هناك متغيرات وموازين ربما ترجح الكفة لتحقيق ما عجز عنه منذ 2015م.
منذ قرابة شهر دفع الحوثي بحشود ضخمة إلى جبهة صرواح مشكلاً ضغطا على قوات الجيش الوطني والمقاومة،لكنه وجد استعصاء مضاعف وقدرة تفوق ما كانت عليه في العام 2015م،بات يدرك جيدا انه لو حشد كل قادر على حمل السلاح من مناطق سيطرته لن يحدث أي اختراق بل ستحصد ارواحهم في ذات الجغرافيا.
كانت صرواح نقطة البداية وإن سبقها محاولات في مناطق أخرى،لكنها كانت الاهم،والمهم بالنسبة للحوثي،وهاهي آخر جغرافيا يتواجد بها في مأرب.
صبيحة الأحد 12 إبريل 2015،
احتدمت المعارك على أطراف صرواح،وتكبد الحوثي أول كؤوس الخسارة المرة والكبيرة،واستمر في حشد الإمكانات العسكرية والبشرية إليها.
كانت قبائل مأرب تخوض في صرواح أعنف المعارك،استطاع الحوثي ان يسيطر على الجبال المحيطة بسوق صرواح الجنوبية والغربية والشمالية بفضل مجاميع من مسلحيهم دفع بهم إلى المنطقة بوقت مبكر من اندلاع المعارك.
كان اليوم الأول ساخناً حصد أرواح العديد من المليشيات وكانت المواجهات على اشدها،وكانت قوات من اللواء 312 الموالية لحليف الحوثي حينها الرئيس السابق علي عبدالله صالح تتمركز في مناطق متعددة وبعيدة إلى حد ما من خطوط التماس،مضى النصف الأول من اليوم والقبائل تقاوم بشراسة.
تعرضت القبائل لطعنة غادرة من القوات العسكرية الموالية لصالح وتسلم الحوثي تسع دبابات،كانت تتمركز في 5 مواقع عسكرية تابعة للواء 312، غرب صرواح،بعد انسحاب الجنود من المواقع،مقابل الخروج بسلام وتأمين نقلهم إلى مناطقهم.
صحيح انها شكلت ضربه معنوية للمقاومة لكنها لم تكن قاتلة بل كانت محفزة للاعتماد على النفس وعدم المراهنة على أحد.
استجمعت المقاومة قواها وتجاوزت تلك الطعنة وبدت أكثر همة في المقاومة.
في اليوم الثاني من المواجهات زرت الجبهة برفقة عدد من الزملاء للتوثيق وكانت آلهة الحرب تدك مواقع وتحصينات الحوثي بكل شراسة،وخلف الخزان كان تمركز الابطال الذين تصيدوا قرابة 20حوثياً تسللوا إلى الجبل قبل تأمينه.
عزيمة واصرار حفرت في الذاكرة كانت حاضرة لدى كل من التقينا بهم من قيادة وأفراد المقاومة.
بين الإصرار والعتاد المتواضع للمقاومة مسافات ضوئية.
عبر الهاتف تحدث صديق من صنعاء يستطلع الأخبار،كان يأمل الصمود لكنه يتسائل كيف يمكن ذلك أمام إمكانات دولة.
وحدات من قوات المشاة جبلي والقوات الخاصة ومكافحة الارهاب التي تلقت تدريبات في الداخل والخارج،وبعناية فائقة يتم انتقائها إلى محور صرواح،المعركة الاهم لدى الحوثي وحليفه حينها الرئيس السابق.
ألوية من الحرس الجمهوري كانت من طلائع المشاركين في الحرب بصرواح ضد القبائل،معتقدة انها ستكون بوابة السيطرة على مأرب التي اختراتها كبيئة مناسبة لطبيعتها القتالية التي تغلبها الصحارى.
المنفذ الأقرب..مهما كانت الخسائر
قرابة نصف شهر من المعارك استبسل رجال المقاومة ومن بقي معهم من أفراد اللواء312 الذين كان دورهم العمل على السلاح الثقيل.
ذلك الاستعصاء غير تفكير الحوثي وحليفه حول سهوله الاختراق والتقدم،لجأ الحوثي إلى التخندق والتحصن بالمدنيين والآثار،تراجع المقاومون حينها باتجاه الجبال المؤدية إلى كوفل لسحب المعركة إلى مناطق غير اهلة بالسكان بحسب قيادة المقاومة حينها.
وطبيعة الحوثي وقوات المشاه جبلي وقوات صالح إدارة المعارك في الجبال أكثر خبرة من غيرها مقارنة بالمقاومة آنذاك.
توسعت المعركة وامتدت قرابة 200كيلو متر في مأرب وتخلقت مسميات ومسارات كثيرة للمعركة،امتدادا إلى هيلان والفرع والمشجح وكوفل والمصارية والدشوش والعطيف والجفينة،وصولاً إلى تخوم مدينة مأرب عاصمة المحافظة على مدى ستة أشهر حتى ال5من أكتوبر 2015م ،دحر الحوثيون إلى مركز مديرية صرواح،كآخر معاقل الحوثي في مأرب.
كانت المصارية الاسم الأكثر حضورا خلال تلك المعارك كونها موقعا استراتيجياً مثلت انطلاق للصواريخ على الأحياء السكنية والأهداف العسكرية ذهب ضحاياها من المدنيين المئات.
في 28من سبتمبر تحرر محيط سد مأرب وجبال البلق،ومهدت لتحرير الفاو والجفينة وصولا إلى تخوم سوق صرواح في 5اكتوبر 2015م
تتمركز قوات الجيش والمقاومة على تخوم السوق.
استطاع قائد المنطقة الثالثة وفق خطة محكمة وإعداد دقيق من خوض معركة التفاف من الجزء الجنوبي والجنوبي الغربي لسوق صرواح،وصولا إلى الخط الاسفلتي غرب سوق صرواح من اتجاه صنعاء.
وفي 10اكتوبر من 2016م استشهد اللواء عبدالرب الشدادي،فيما لا تزال المعارك محتدمة في صرواح وعلى ذات الجغرافيا،عدا اختراقات لابأس بها احدثها الجيش في أرض المعركة تجاه تحرير ما تبقى من محيط سوق صرواح.
منذ نصف شهر حاول الحوثي معاودة الحشد والعتاد إلى صرواح سيما عقب سيطرته على حزم الجوف لكن محاولته بات بالفشل،ويحرز الجيش الوطني تقدما في جغرافيا جبهة صرواح على طريق تحريرها بالكامل ونقل المعركة مباشرة إلى صنعاء كونها أول المناطق الحدودية مع صرواح مارب هي مديرية خولان صنعاء.
صور من التضحيات في صرواح
طبيعة الإنسان المأربي الارتباط بارضه والحنين إليها وعدم تفضيل غيرها مهما توفرت بها وسائل الرفاهية مقارنة بطبيعة البيئة الصحراوية القاحلة.
كما أنه لا يمكن أن يفكر بخذلان قبيلته ومنطقته ولذلك جسدت تضحيات خالدة،لشباب تركوا دراساتهم واعمالهم في بعضا من بلدان العالم وعادوا للالتحاق بجبهات القتال بعضهم استشهد في تلك المعارك،وصورة أخرى من التضحيات للشيخ أحمد الشليف الذي قدم ثلاثة من أولاده شهداء وأصيب الرابع.
ورجل الأعمال احمد الشليف الذي ترك شركته وممتلكاته وتجارته وعاد إلى مأرب للدفاع عنها ولازال يتواجد فيها،وهو صاحب المقولة الشهيرة معلقاً على تفجير منزله ومنزل شقيقه الشهيد مبارك الشليف "فجر منازلنا..لكننا فجرنا مشروعه"الايراني الامامي الكهنوتي.
تلك بعضاً من صور تلك التضحيات.
الضوء الأخضر والثقب الأسود
يعتقد مراقبون أن تحركات الحوثي كانت بضوء اخضر من قوى عالمية للسيطرة على مأرب وفرض أمرا واقعا يفرض على الشرعية الرضوخ للتسوية السياسية التي ترغب بها تلك القوى لكن الجيش والمقاومة أسقطوا الرهان وتحولت صرواح ثقباً أسود يلتهم الحوثيين،وآمال من يقف خلفهم.
تبقى الطبيعة المأربية والتماسك،اهم عوامل تحقيق هذا النصر والاستعصاء،بالإضافة إلى الصورة القاتمة الإجرامية التي انكشف الحوثي من خلالها في التنكيل باليمنيين وصولا إلى الانتقام من الشخصيات والمشائخ الذين مثلوا جسرا لعبوره في مناطقهم إلى صنعاء وغيرها.
ما بات يدركه الحوثي ان اي محاولة في مأرب ليست سوى مخاطرة غير محسوبة وسَوْق إلى الجحيم،لكن محاولته مستمرة من خلال الزج بالمئات إلى اخاديد الموت المنتشرة على امتداد جغرافيا المعركة.
يجد الحوثي قطعان من المغرر بهم والمخدوعين والمحببين والمهووسين بالولاية والغواية والسلاح فيلقي بهم في صرواح حيث تكون نهايتهم المحتومة.
ما عجز عنه الحوثي وحليفه وهما في أوج قوتهما لا يمكن أن يفلح به الحوثي بعد خمسة أعوام من الحرب،تضاعفت فيها قدرات وخبرات وقوة القبيلة في مأرب القتالية والتكتيكية واسندوا بجيش وطني ولد من رحم المعركة وصنعته لهيبها،وهو ما قد يجهله البعض.