لم يتوقف الحوثيون عن استخدام قضية الصحفيين المختطفين لديهم منذ سنوات كورقة سياسية لابتزاز السلطة الشرعية لمبادلتهم بمقاتلين من أسراهم لدى قواتها، ويساعدهم في ذلك الدور المتواطئ للمبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث والذي يخالف توجهات منظمته المتمثلة في رفض سجن الصحفيين ومحاكمتهم ومحاربة حرياتهم.
فمنذ اكثر من خمس سنوات ونصف والحوثيون يجدون في الصحفيين الذين اختطفوهم من بيوتهم أو مقار أعمالهم ضالتهم لتحقيق مكاسب سياسية بجانب كون هذا الموقف منهم يجسد مشروعهم المعادي للحرية ومنها حرية التعبير والكلمة، وقد اعلن زعيم الحوثيين بخطاب متلفز الحرب على الصحفيين واعتبرهم أخطر من المقاتلين.
ضحايا بالجملة
صحفيون كثر وقعوا ضحية بطش وقمع الحوثيين وفي مقدمتهم الصحفيون عبدالخالق عمران وحارث حُميد وتوفيق المنصوري وأكرم الوليدي، وهؤلاء لا يزالوا في السجن منذ اختطافهم في يونيو ٢٠١٥ في العاصمة صنعاء، بينما خرج خمسة من زملائهم في إطار صفقة تبادل بين الشرعية والحوثيين برعاية المبعوث الأممي مطلع أكتوبر الماضي.
وهؤلاء الصحفيون الذين لا يزالون خلف القضبان، يواجهون قرارا بالإعدام أصدره الحوثيون، وهو القرار الذي لم يثر حفيظة غريفيث على الرغم من أن الأمم المتحدة تعارض عقوبة الإعدام بشكل مبدأي، وضد سجن الصحفيين ومنعهم من مزاولة عملهم بحرية.
والجديد في قضيتهم هو تدهور صحتهم وهذا ما دفع رئيس الفريق الحكومي المفاوض بملف الأسرى والمختطفين هادي هيج لبعث مذكرة احتجاج للمبعوث الأممي بشأن وضعهم، مطالبا إياه بالتخاطب العاجل مع مليشيات الحوثي بسرعة الإفراج عنه.
خوف الأهالي وموقف النقابة
كانت أسرة الصحفي توفيق المنصوري قد أبلغت نقابة الصحفيين اليمنيين بأن حالته الصحية تتدهور، وذلك بسبب معاناته من أمراض الربو وضيق التنفس وروماتيزم القلب والسكري والبروستات و ظهور أعراض فشل الكلوي.
وشكت الأسرة في بلاغها من حرمانه من أي رعاية صحية ومنع الزيارة عنه أو إدخال الأدوية التي يحتاجها بشكل طارئ، مشيرة إلى أن وبقية الصحفيين المختطفين سبق وأصيبوا بفيروس كورونا في سجن الأمن السياسي بصنعاء حسب تأكيدات الخمسة الصحفيين المفرج عنهم مؤخرا.
النقابة بدورها، أدانت "هذه المعاملة القاسية تجدد مطالبتها بسرعة الإفراج عن الصحفي المنصوري وكافة المختطفين لدى جماعة الحوثي، وحمّلت الحوثيين "كامل المسؤولية عن هذه المعاملة اللاإنسانية وماقد يتعرض له الزميل المنصوري وزملائه من أذى أو مخاطر".
ودعت النقابة في هذا السياق، كافة المنظمات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير وفي مقدمتها الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب التضامن مع الزميل المنصوري وكافة المختطفين ومواصلة الجهود للضغط من أجل إطلاق سراح كافة الصحفيين.
وتوجهت بنداء عاجل إلى المنظمة الدولية للصليب الأحمر للتدخل وزيارة الصحفي المنصوري وزملائه ونقله للمستشفى للعلاج.
مطالبات للإفراج عنهم
من جانبها، قالت المنظمة الوطنية للاعلاميين اليمنيين (صدى)، إن "الحالة الصحية للصحفي توفيق المنصوري هي تعبير عن الحالة الصحية السيئة للغاية لبقية الزملاء المختطفين والتي تتفاقم مع مرور كل ثانية يعيشونها خلف قضبان السجون، وأن الوضع الصحي السيء للصحفيين الخمسة الذين تم الإفراج عنهم منذ حوالي شهرين ومعاناتهم الصحية بشكل يومي هو دليل واضح على معاناة أكثر ووضع صحي أسوأ يعيشه الصحفيون المختطفون".
واستنكرت المنظمة في بيان لها "إصرار جماعة الحوثي على انتهاك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية" منوهة إلى خطورة الوضع الإنساني الذي بات يعاني منه الصحفيون المختطفون خصوصا في ظل الإهمال المتعمد من قبل السجان الحوثي.
وطالبت بالإفراج الفوري عن الصحفيين المختطفين دون مماطلات او تأخير ونحذر من تعريض حياة الصحفي المنصوري وبقية الصحفيين للخطر.
كما طالبت الصليب الأحمر الدولي للقيام بمهامه الإنسانية في قضية الصحفيين المختطفين للإفراج عنهم والقيام بعلاج الصحفي توفيق المنصوري بشكل عاجل.
وناشدت النقابات والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية إلى تبني قضية الصحفيين المختطفين بشكل خاص والضغط للإفراج عنهم بشكل فوري.
وأهابت صدى "بمنظمات المجتمع المدني المحلية والنقابات الحقوقية والصحفية ووسائل الإعلام والصحفيين اليمنيين لممارسة ضغط اعلامي أعظم وأقوى للإفراج عن زملائنا الصحفيين المختطفين وتحقيق حريتهم".
وحتى اللحظة لم يصدر عن المبعوث أي موقف بهذا الخصوص.