مأرب بين تاريخين وحملتين

مأرب بين تاريخين وحملتين
محمد عبده النهاري
  • 29 أغسطس ,2020 04:46 ص



عبر امتداد الأزمنة، عرفت اليمن كبلد منيع على الطامعين والغزاة، فمن طبيعة اليمنيون قديما وحديثا، الشجاعة والإباء ورفض الظلم، حتى وإن استقر الطامعون فيها على غفلة من الزمن، فسرعان ما يثور دم البطولة والبسالة في قلوب أبنائها، فتنقلب وداعتهم إلى طغيان يكتسح الطاغي ويلتهم، كم قال عنه الزبيري رحمه الله، وبذلك عرفت اليمن بأنها مقبرة الغزاة.

 

وكتب التاريخ والسير مليئة بشواهد هذا الكلام. ليس محل ذكره هنا، ولكن سنعرج هنا إلى حادثتين قديمة وحديثة، لما بينهما من ترابط وتشابه، يستدعي استحضارهما ومقارنتهما، وتلك الحادثتان هما المحاولة الرومانية لاجتياح مأرب في العام ٢٤ ق. م.

 

 أما الثانية فهي ما يقوم به الحوثي من محاولات لاجتياح المدينة وعند قراءة كتب التاريخ نجد أنه لا تزال الذاكرة الشعبية اليمنية تحتفظ ببعض الأحداث والمواقع والأماكن المتعلقة بالحملة الرومانية أو حملات مشابهة أخرى عبر التاريخ.

أما بالنسبة للحملة الرومانية فقد اجتاحت الجوف بعد مقاومة عنيفة خسروا فيها الآلاف من جنودهم، وهو ما حصل أيضا مع الحوثيين.

 

وبعد الجوف تقدم القيصر الروماني إلى صحراء مأرب.

وقد حاصر گايوس گالوس قائد الحملة مأرب لمدة لا تزيد عن ٦ أيام خسر فيها معظم جنوده ووقع هو أسيرا.

 

وإن كان الحوثي قد طال زمن هجومه على مأرب إلا أن الخسائر التي مني بها طالت المئات ان لم يكن الآلاف من أنصار الجماعة وقيادتها.

حاول المؤرخ الروماني استرابون أن يزور التاريخ فذكر أن من قتل من المأربيين بالآلاف، والعكس هو الصحيح ومع ذلك لم يشر إلى أسباب انسحاب الحملة ورجوعها.

 

وهو ما يحاول أن يفعله الحوثي اليوم عبر وسائل اعلامه عاكسا الحقائق ومزيفا الواقع، حيث يوهم اتباعه انه قد سيطر على مأرب وأنه هو المنتصر.

 

ورغم عدم اعترافه بالاعداد الحقيقية لقتلاه وخسائره، إلا أن مواكب التشييع اليومية في كل المناطق الواقعة تحت سيطرته تظهر حجم الكارثة التي تتعرض لها قواته في صحراء مأرب والجوف.

ومن شواهد الواقع وابتلاع صحراء مأرب الكتيبة تلو الأخرى من المهاجمين، فإلى أي مدى يمكن للحوثي أن يستمر، وكم من القرابيين سيقدمها الحوثي للصحراء التي لا تشبع ولا ترتوي.

 

و كم من الدماء سيضحي بها الحوثي إشباعا لنزواته، وقربانا لرغاباته؟!!

وهل يريد أن يضع كرسي حكمه على بحيرة من دماء اليمنيين؟!!

 

وأخيرا فليثق الحوثي أن أنهار الدماء التي سفكت ستكون طوفان يغرقه واواهامه في النهاية وان كان مايحدث الان في صحاري مأرب هو بداية النهاية فقط.

 

وحتما مسألة وقت فقط حتى يعلن الحوثي فشله وانكساره، ونحن على ثقة من حدوث ذلك، فالنزيف الحاد للمقاتلين في جبهات مأرب ستكون له نتائج قريبة إن شاء الله.

 

"ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا".

اقرأ ايضاً

 "أسبيدس" بقيادة إيطالية

"أسبيدس" بقيادة إيطالية

في مايو 2017م كنت في زيارة رسمية إلى ألمانيا، كانت هي الثانية لأوروبا بعد سويسرا، وذلك أثناء رئاستي للحكومة اليمنية، التقيت وزملائي في الوفد -وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، ووزي…

 غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني

غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني

‏غزة.. القضية العادلة والاستغلال الحوثي الإيراني همدان العليي ‎@hamdan_alaly أعطوني فائدة واحدة حصل عليها أبناء غزة مما يفعله الحوثي في البحر الأحمر أو عبر مفرقعاته التي يطلقها ب…

 الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. قالوها قوية وطنية يمنية

الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. قالوها قوية وطنية يمنية

قالوها قوية وطنية يمنية 7يناير 2024تحية لهؤلاء المناضلون كبار القوم وزعماء الإقليم الشرق، قادة سياسيون واجتماعيون مثقفون وإعلاميون، رجالًا ونساءً فقد قالوا كلمتهم في أجواء ملبدة ب…